يقولوا: يا أيها المسرف المتمادي في طغيانه، المصر على كبره، المتهاون بأمر ربه أفق من سكرتك، وتنبه من غفلتك، وما نحا هذا النحو، فكان هذا من جملة ما هاجه وأوغر صدره عليهم، وكان أشد الناس عليه في أمر فتنة الربض الفقهاء هم الذين كانوا يحرضون العامة ويشجعونهم إلى أن أوقع بهم ..
وجملة ما يتحصل من أقوال المؤرخين فيه أنه كان شديدا جبارا ضابطا لأمر مملكته يقظا، إذا هم ألقى بين عينيه عزمه، لا يرده عن سبيله راد قوي الإرادة، وأكثر خلاله تدل على رجل كبير.
وإن شئت التوسع في أخباره فارجع إلى نفح الطيب، وكامل التواريخ، والبيان المغرب، والمعجب وأشباهها.
عبد الرحمن بن الحكم
ولد سنة ١٧٦ هـ وتوفي سنة ٢٣٨ هـ
بعد موت الحكم بن هشام، استطاع ولده عبد الرحمن أن يقوم بالملك حق القيام، وكنيته أبو المطرف، وله بطليطلة أيام كان أبوه الحكم يتولاها لأبيه لهشام، وبويع بعد وفاة والده بيوم واحد، كان جسيما طويلا أسمر، حسن الوجه أقنى أعين أكحل، عظيم اللحية، يخضب بالحناء والكتم.
قال صاحب البيان المغرب في وصفه:«هو أول من جرى على سنن الخلفاء في الزينة والشكل وترتيب الخدمة وكسا الخلافة أبهة الجلالة، فشيد القصور وأجلب الماء العذب إلى قرطبة وبنى له مصنعا كبيرا يرده الناس، وبنى الرصيف وعمل عليه السقائف وبنى المساجد بالأندلس وعمل السقاية على الرصيف واتخذ السكة بقرطبة وفخم ملكه».
وزاد عليه غيره من المؤرخين فقالوا: إنه علا عن التبذل للعامة، وكانت أيامه