الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي الهادي الأمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين وبعد.
فهذا كتاب جديد للإمام خير الدين الزركلي، نقدمه للقارئ العربي للمرة الأولى بعد ما ظل حبيس الأدراج لسنوات طويلة.
خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس الزرقي (الأزرقي) المعروف فيما بعد بالزركلي (بكسر الزاي والراء) الدمشقي، وأصل نسبه (الزركلي) هو: الزرقلي، نسبة إلى قبيلة كردية زعيمها حسن الأزرقي حاكم ولاية ماردين ولما كانت نسبة الأعلام عند الأتراك في الأسماء هي (لي) فقد عرفت القبيلة بالزرقلية أو الزركلية.
ولد ليلة ٩ من ذي الحجة ١٣١٠ هـ (٢٥ يونية ١٨٩٣ م) في بيروت، وكانت لوالده تجارة فيها، وهو وأمه دمشقيان.
ونشأ بدمشق، فتعلم في إحدى مدارسها الأهلية. وأخذ عن علمائها، على الطريقة القديمة، واتفق أن رأى أحد الصبيان المجاورين لبيته وهو متأبط كتابا صغيرا حسن التجليد، وتبرق ورقته الأولى جدة وحسنا فاندفع إلى سؤاله عنه، وكان مولعا بقراءة القصص كقصة عنترة وبني هلال وأشتات من تلك الأساطير، فلما رأى الكتاب يتأبطه الصغير، وسأله عن اسمه أجابه بكل كبرياء وعجب: هذا كتاب علم .. وبعد جهد بذله الزركلي عرف أنه كتاب (الآجرومية) في النحو فأحدث في نفسه هوى جديدا، فأقبل على دراسة النحو واللغة والأدب، ثم مال إلى التاريخ فقرأ جانبا من تاريخ الإسلام، وقليلا من التاريخ العام واتسع نطاق الميل، فدرس العروض والمعاني والبيان والفقه والتوحيد، وأولع بكتب