للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبد الملك بن مروان

ولد سنة ٢٦ وتوفي سنة ٨٦ هـ

ما انفكت خلافة الأمويين في اضطراب وتزلزل منذ غادر الحياة معاوية الأول حتى انقلبت ألعوبة في أيدي الرجال، فقاذف لها زاهد بها، ومتلقف لها راغب فيها ومشرئب إليها طامع بانتقالها إليه، بحيث لم تستقر على حال واحدة إلا في زمن صاحب هذه الكلمة وهو: أبو الوليد عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي القرشي، انتقلت إليه الخلافة بموت أبيه مروان سنة ٦٥ هـ فبويع في دمشق وأعظم ما يهدد ملكه استفحال أمر عبد الله بن الزبير في الحجاز والعراق، فلما بويع قام في الناس خطيبا فقال:

«أيها الناس إني والله ما أنا بالخليفة المستضعف - يعني عثمان - ولا بالخليفة المداهن - يريد معاوية الأول - ولا بالخليفة المأفون - يريد يزيد بن معاوية فمن قال برأسه كذا - أي امتنع - قلنا له بسيفنا كذا - أي ضربناه - ثم نزل».

وعلم عبد الملك أن ابن الزبير وجه المختار الثقفي إلى الكوفة أميرا عليها فجهز عبد الملك جيشا فيه عبيد الله بن زياد ورجال من كبار القادة عنده فأرسل المختار جيشا لقتال عبيد الله بقيادة إبراهيم ابن الأشتر، فالتقى الجيشان بالجازر (قرية من نواحي النهروان من أعمال بغداد قرب المدائن) فقتل عبيد الله بن زياد وأصحابه وأخذت رؤوسهم إلى ابن الزبير، فلما بلغ عبد الملك ذلك عظم عليه فنادى أهل الشام فلم يلبوه، وكان في رجال شرطته الحجاج بن يوسف، وهذا أول ما اشتهر به فتقدم إلى عبد الملك فسأله أن يسلطه عليهم، فقال: قد سلطتك!! فانصرف من مجلسه لا يمر على رجل من أهل الشام قد تخلف عن القيام إلا أحرق عليه داره، فجزع الناس واتجهوا إليه فجهزهم عبد الملك وسار بهم يريد العراق، وخرج إليه مصعب بن الزبير بأهل البصرة والكوفة فالتقوا بين

<<  <   >  >>