للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشام والعراق، وكان عبد الملك كتب كتبا إلى رجال من وجوه أهل العراق يدعوهم إلى نفسه ويجعل لهم الأموال، فلما تلاقى الفريقان انضم رجال مصعب إلى عبد الملك، وبقي مصعب في قليل من أصحابه فأتاه غلام لعبيد الله ابن ظبيان فأعان عليه مولاه عبيد الله بن ظبيان فقتلاه (وستأتي ترجمة مصعب في القواد)، ودخل عبد الملك الكوفة، فبايعه الناس فجاءه الحجاج فقال: رأيت في المنام كأني أسلخ ابن الزبير من رأسه إلى قدميه، وكان عبد الملك قد رأى من الحجاج حزما وشدة بأس فقال له: أنت له، فخرج الحجاج بجيش كثيف يريد عبد الله بن الزبير.

وفي سنة ٧٢ هـ كان في منى ثم حصر ابن الزبير في مكة ونصب المجانيق على جبالها ونواحيها يرمي أهلها بالحجارة، وانتهى القتال بقتل عبد الله بن الزبير أمير المؤمنين في العراق والحجاز، فأرسل الحجاج رأسه إلى عبد الملك بن مروان في دمشق، ونصب للناس راية الإمارة فجعلوا يغدون عليه، فلم ينصرف عن الحجاز إلا وهي مبايعة لعبد الملك وبهذا سكنت الفتنة واجتمع المسلمون مع عبد الملك واستتب له الأمر فيهم، ودامت له الخلافة العامة بعد مقتل ابن الزبير ثلاث عشرة سنة وثلاثة أشهر.

وكان يقال: معاوية للحكم، وعبد الملك للحزم، وكان ملكا جبارا على من عانده وقوي الهيبة شديد السياسة، حسن التدبير، جمع بين العلم والعقل.

قال الشعبي: ما ذاكرت أحدا إلا وجدت لي الفضل عليه إلا عبد الملك فإني ما ذاكرته حديثا ولا شعرا إلا زادني فيه.

وقال نافع وهو من مشاهير القراء: لقد رأيت أهل المدينة وما بها شاب أشد تشميرا ولا أفقه ولا أنسك ولا أقرأ لكتاب الله من عبد الملك بن مروان.

وفي أيامه كانت تكتب الدواوين باللغتين الفارسية والرومية فأمر بترجمتها

<<  <   >  >>