ساحل البحر الأحمر عند عدن فتقاتل الجيشان وشعر ذو نواس بالغلبة فرأى أن الموت قد كمن له بين شغار أسياف العبيد فركض جواده برجله ركضة أبلغتهما البحر وودع ذو نواس الحياة وهو يلاطم الموج ويعارك الحيتان مختارا بطون الأسماك وهو عزيز كريم على الوقوع في أسر السودان وامتهانهم وإذلالهم له؛ فمات شريفا!
زهير بن جناب الكلبي
مات سنة ٦٤ هـ
زهير بن جناب بن هبل بن عبد الله (أو عبد اللات) به كنانة بن بكر بن عوف ابن عذرة الكلبي من أهل اليمن: أحد أمراء العرب المشهورين وشعرائهم وذوي الرأي فيهم، وكان يدعى الكاهن لصحة رأيه، وكان شجاعا مظفرا ميمون النقيبة، عاش طويلا: ومؤرخونا يذكرون عن عمره ما يقولونه عن سائر المعمرين، وهو أحد الذين شربوا الخمر صرفا حتى ماتوا (انظر ترجمته ملاعب الأسنة)، ومن أخباره أنه لما بلغه أن بني بغيض بن ريث بن غطفان بنوا حرما كحرم مكة لا يقتل صيده ولا يهاج عائده قال: والله لا يكون ذلك وأنا حتي! فنادى في قومه فغزا بني بغيض فظفر بهم وأخذ فارسا منهم في حرمهم فقتله وعطل ذلك الحرم، ثم مر على غطفان ورد النساء وأخذ الأموال، وقال في ذلك من أبيات:
فلم تصبر لنا غطفان لما … تلاقينا وأحرزت النساء
فلولا الفضل منا ما رجعتم … إلى عذراء شيمتها الحياء
نفينا نخوة الأعداء عنا … بأرماح أسنتها ظماء
واشتهرت واقعته مع بكر وتغلب ابني وائل وسببها: أن أبرهة الأشرم حين طلع إلى نجد أتاه زهير فأكرمه وفضله على من أتاه من العرب ثم أمره على بكر