توفي رسول الله ﷺ واضطرب أمر المسلمين من بعده في من يتولى أمرهم؛ فما زالوا حتى اتفقت كلمتهم على الصحابي الجليل أبي بكر، عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عمرو بن كعب التيمي القرشي، أقرب الناس مودة من النبي، وأول من آمن به من الرجال، وأحد عظماء أصحابه الذين جاهدوا في الله حق جهاده وبذلوا النفس والنفيس في سبيل إعزاز دينه.
بويع بالخلافة يوم وفاة النبي في ١٢ ربيع الأول سنة ١١ هـ، فخطب في المسلمين خطبة طويلة يحفظ منها:«أيها الناس، قد وليت عليكم ولست بخيركم، وإن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له حقه، وإن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ الحق منه، لا يدع أحد منكم الجهاد؛ فإنه لا يدعه قومه إلا ضربهم الله بالذل. أيها الناس، إنما أنا متبع لا مبتدع، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله؛ فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، إن أصبت الحق فأعينوني عليه، وإن زغت فقوموني».
وحاله في الجاهلية حال سيادة ورئاسة، وكانت العرب تدعوه «عالم قريش»، وله ثروة طائلة، وربما عالج تجارة البز، وهو من علماء الأنساب المذكورين كان عارفا بأخبار القبائل وبطون العرب وجماهيرهم كارها للسيئ من عادات الجاهلية وحرم على نفسه الخمر فلم يشربها، ولما نال الخلافة في الإسلام قام بشؤون الأمة حق القيام فحارب الذين ارتدوا عن الدين الإسلامي وقاتل الذين امتنعوا من إعطاء الزكاة، ثم اتجه إلى الاستعمار (١) والفتح فافتتحت في أيامه الشام وقسم كبير من العراق واتفق له قواد أمناء كخالد بن الوليد وعمرو بن