لما قتل الوليد ولي الخلافة ابن عمه يزيد بن الوليد بن عبد الملك؛ فكانت أيامه على قصرها أيام شرور وفتن وثورات وإحن وليس له ما يدل على عظمة أو كبر نفس أو فضل إلا قوله حين ولي؛ فإنه خطب الناس بعد أن قتل الوليد فذكر لهم زيد ما كان عليه ابن عمه من الخلاعة والفسق ثم قال:
«أيها الناس، إن لكم علي أن لا أضع حجرا على حجر ولا لبنة ولا أكتري نهرا، ولا أكثر مالا، ولا أعطيه زوجة وولدا، ولا أنقل مالا عن بلد حتى أسد ثغره وخصاصة أهله بما يغنيهم فما فضل نقلته إلى البلد الذي يليه ولا أحجركم في ثغوركم كأفتنكم، ولا أغلق بابي دونكم، ولا أحمل على أهل جزيتكم، ولكم أعطياتكم كل سنة وأرزاقكم في كل شهر حتى يكون أقصاكم كأدناكم؛ فإن وفيت لكم بما قلت فعليكم السمع والطاعة وحسن الوزارة، وإن لم أف فلكم أن تخلعوني إلا أن أتوب، وإن علمتم أحدا ممن يعرف بالصلاح يعطيكم من نفسه مثل ما أعطيكم وأردتم أن تبايعوه فأنا أول من يبايعه، أيها الناس لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».
كان الوليد قد زاد في أعطيات الناس (أي رواتبهم) عشرة عشرة من الدراهم فلما ولي يزيد نقصها فلقبوه «يزيد الناقص».
وكان مولده سنة ٨٦ هـ، وتولى الخلافة سنة ١٢٦ هـ فأقام خليفة خمسة أشهر وثمانية أيام ومات في هذه السنة وليس في تاريخ حياته ما يجعله في العظماء، أما أخبار أيامه فكثيرة كما قلنا وهذه ليست من خصائص هذا الكتاب فارجع إليها في تواريخ الأزمنة والعصور.