حلم هشام وحسن أخلاقه قال: شتم هشام رجلا من الأشراف فوبخه الرجل وقال: أما تستحي أن تشتمني وأنت خليفة الله في الأرض؟ فاستحيى هشام منه، وقال: اقتص مني! قال: إذا أنا سفيه مثلك! قال: فخذ مني عوضا من المال! قال: ما كنت لأفعل! قال: فهبها الله! قال: هي الله ثم لك! فنكس هشام رأسه واستحيى وقال: والله لا أعود إلى مثلها أبدا!
ولما كانت سنة ١٢٥ هـ مرض هشام بن عبد الملك وهو في الرصافة (قال ياقوت: رصافة هشام بن عبد الملك في غربي الرقة بينهما أربعة فراسخ على طرف البرية بناها هشام لما وقع الطاعون بالشام، وكان يسكنها في الصيف، فهي غر رصافة بغداد والبصرة) ففكر في أمر من يلي الخلافة بعده، وكان أخوه يزيد قد عهد بها إلى ابنه الوليد بن يزيد، فرأى هشام أن الوليد لا يصلح لها ولا هو من رجالها؛ فحاول خلعه وتولية من يكون أولى منه بها فلم يستطع، ومات في الرصافة.
ومدة خلافته تسع عشرة سنة وتسعة أشهر وأيام.
الوليد بن يزيد
ولد سنة ٨٤ وقتل سنة ١٢٦ هـ
قلت في آخر سيرة هشام السالف ذكره: إن هشاما رأى الوليد لا يصلح للخلافة، وذلك لما كانوا يصفونه به من حب المجون والميل إلى اللهو وإيثار اللذائذ على التفكير بشؤون الملك، وأوشكت أن أضرب صفحا عن إلحاقه بعظماء الرجال الذين عقدت النية على إثباتهم في هذا المصنف، ثم رأيت بعض المؤرخين يذهبون إلى الثناء على الوليد ويعدون ما قيل فيه افتراء عليه وهم يروون له شعرا حسنا يصلح لنا أن ندعوه به شاعر الملوك الأمويين، وعلماء الأدب يذكرون أن كثيرا من الشعراء والكبار كأبي نواس وطبقته يسرقون معاني