للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولنختم ترجمته بشيء، من كلامه العذب.

قال أكثر مترجميه: خطب الحسين بن علي يوما فقال:

«يا أيها الناس! نافسوا في المكارم، وسارعوا إلى المغانم، ولا تحتسبوا المعروف لم تعجلوه، واكتسبوا الحمد بالنجح، ولا تكسبوا بالمطل ذما، واعلموا أن حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم فلا تملوا النعم، واعلموا أن المعروف يكسب حمدا ويكسب أجرا؛ فلو رأيتم المعروف رجلا رأيتموه حسنا جميلا يسر الناظرين ويفوق العالمين، ولو رأيتم اللؤم رأيتموه سمجا مشوها تنفر منه القلوب وتغض دونه الأبصار. أيها الناس: من جاد ساد، ومن بخل ذل، وإن أجود الناس من أعطى من لا يرجوه، وإن أعفى الناس من عفا عند قدرته، وإن أفضل الناس من وصل من قطعه، والأصول على مغارسها فروعها تنمو، من أحسن أحسن الله إليه، والله يحب المحسنين».

ومن كلامه: الحلم زينة، والوفاء مروءة، والعجلة سفه، والسفه ضعف، والغلو ورطة، ومجالسة أهل الدناءة شر، ومجالسة أهل الفسوق ريبة.

زين العابدين بن الحسين

ولد سنة ٣٨ وتوفي سنة ٩٤ هـ

أبو الحسن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: رابع الأئمة الإثنى عشر عند الإمامية، وأحد من يضرب بهم المثل في الحلم والورع.

ولد بالمدينة ونشأ بها ففاق أهلها تقى وصلاحا، وكان من العلم والكرم على جانب عظيم؛ فأما حلمه فله فيه حكايات عجيبة، خرج يوما من المسجد فلقيه رجل فسبه وبالغ وأفرط فبادر إليه العبيد والموالي، فكفهم وأقبل عليه، وقال: ما ستر عنك من أمرنا أكثر! ألك حاجة تعينك عليها؟ فاستحى الرجل وتنحى فأمر له بخمسة آلاف درهم.

<<  <   >  >>