لما توفي عمر بن عبد العزيز تولى الخلافة من بعده، يزيد بن عبد الملك ابن مروان بعهد من أخيه سليمان كما تقدم في ترجمة عمر، وكان يزيد يتواضع ويتظاهر بالصلاح فلما صار إليه الملك رجا به الناس أن يتابع سيرة سلفه فخاب رجاؤهم ولم يكن الرجل العظيم الذي يبقي المآثر، بل خالف مظهره الأول ومال إلى لذائذه، ولد سنة ٧٦ هـ وتولى سنة ١٠١ هـ، ومات سنة ١٠٥ هـ، وليس في أخباره ما يجعله في عظماء الرجال الذين ألف هذا الكتاب ليذكرهم، وقد كانت في أيامه حروب وغزوات تجدها في تراجم أخبار السنين والعصور كتاريخ العبر والكامل والطبري فارجع إليها.
وعهد يزيد هذا بالملك إلى أخيه هشام بن عبد الملك ثم ابنه الوليد ابن يزيد ابن عبد الملك، فلما مات تولى هشام الآتي خبره.
هشام بن عبد الملك
ولد سنة ٧١ وتوفي سنة ١٢٥ هـ
امتاز صاحب هذه الترجمة برجاحة العقل وضبط الأمور بالحزم والأخذ بقوة البطش وجلال الهيبة، مات أخوه يزيد والأطماع ممتدة إليه، وهشام بحمص فبويع بها وأقبل على دمشق وذلك سنة ١٠٥ هـ، وكانت في عهده أمور كثيرة منها، خروج زيد بن علي بن الحسين بن علي سنة ١٢٠ هـ بأربعة عشر ألفا من أهل الكوفة قد بايعوه وعاهدوه على قتال جيوش الشام وما يرد عليهم من ملوك بني أمية قال ابن خلدون في العبر:
ظهر زيد بن علي بالكوفة خارجا على هشام: داعيا للكتاب والسنة، وإلى جهاد الظالمين، والدفع عن المستضعفين، وإعطاء المحرومين، والعدل في