للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون﴾ (النحل:/ ٩٠).

فكان من الخلفاء الأتقياء سكن إليه الناس واطمأنوا وآمنت الرعية في زمنه؛ لأنه كان لا يحابي ولا يراعي وإنما الناس في الحقوق سواء عنده كبيرهم وصغيرهم غنيهم وفقيرهم، سيدهم وحقيرهم.

كتب إليه عامل حمص يقول: إن هذه المدينة تحتاج إلى حصن، فوقع له في الكتاب: حصنها بالعدل.

ومن كلامه: الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما، وقوله: لولا أن ذكر الله فرض علي لما ذكرته إجلالا له.

وكان قد شرع بأمر لا يصدر عن غيره ولو طالت مدته لأتمه ولكن المنية التي لم تمكنه من المكوث في منصب الخلافة غير سنتين وخمسة أشهر ونصف شهر حالت بينه وبين ما أراد، وذلك أنه هم بنزع الأموال والزخارف التي كان يملكها رجال من بني أمية وهو يعلم أنها إنما أخذت سلابا وانتهابا من بيت مال الأمة فرأى أن يعيدها إلى مصدرها، ولكنه خاف الفتنة وقيام الثورة فجعل يمهد السبل رجاء أن يعيش فيظهر ما عول عليه، وشعر بذلك بعض أهله فدسوا له السم في الدسم فمرض أياما، وتوفي وهو بدير سمعان من أرض المعرة فدفن به وقبره يزار إلى اليوم. قال الشاعر:

دير سمعان لاعدتك الغوادي … خير ميت من آل مروان ميتك

وقد جمعت سيرته وأخباره في عدة مصنفات منها كتاب بقي بن مخلد الأندلسي، وهو مفقود فيما أحسب، وكتاب أبي الفرج ابن الجوزي: سماه سيرة عمر بن عبد العزيز وهو مطبوع في مصر صفحاته تقارب ست مئة، وترجمه أكثر أصحاب التراجم والتواريخ.

<<  <   >  >>