للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوليد بن عبد الملك

ولد سنة ٤٨ وتوفي سنة ٩٦ هـ

اتصف أكثر الملوك من بني مروان بصفات جعلت لهم فضلا كبيرا على العالم الإسلامي؛ ففيهم الزاهد الناسك في غير ضعف، والمؤطد السائد في غير عنف، والعمراني الفاتح، والرجل الصالح، مما لا ينكره المنكر ولا يجحده الجاحد، وكان عمرانيهم الأكبر وصاحب الآثار فيهم مترجمنا هذا.

وهو: أبو العباس الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، الأموي القرشي، ولي الخلافة بعهد من أبيه عبد الملك (سنة ٨٦ هـ)، والبلاد مطمئنة والمسلمون ساكنون، فوجه القواد لفتح البلاد فكان من رجاله موسى بن نصير، ومولاه طارق بن زياد، فسيره الوليد إلى بلاد المغرب (سنة ٨٩ هـ)، وموسى سير طارقا، فاجتاز طارق جبال البيرة، وهي سلسلة جبال تفصل بين مملكة أسبانيا (الأندلس) وفرنسا، وافتتح الجانب الجنوبي من فرنسا، وأوشك يتوغل في أوروبا، إلا أن موسى حسده ولحق به وأهانه وأوقفه عن السير وقيل: إنه سجنه فبلغ الوليد ذلك فطلب موسى إلى الشام وضربه وطرده إلى مكة، حيث كانت وفاته، وأصبحت جبال البيرة (أو البرينات) حدا بين العرب والعجم.

وامتدت في زمنه المملكة العربية شرقا إلى بلاد الهند فتركستان فحدود الصين، بحيث بلغت مسافتها ستة أشهر بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، قال أحد المؤرخين: فتح المسلمون في ثمانين عاما ما لم تفتحه الرومان في ثمان مئة.

أما ولوع الوليد بالبناء والعمران فكان غريبا جدا، قال ابن الأثير في حوادث سنة ٨٨ هـ: «وفي هذه السنة كتب الوليد إلى عمر بن عبد العزيز - والي المدينة - يأمره بتسهيل الثنايا وحفر الآبار وأن يعمل الفوارة بالمدينة فعملها وأجرى ماءها

<<  <   >  >>