للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاستمرت بيدهم ولاية دمشق إلى حين الفتح الإسلامي، بل هناك دليل آخر على أن سلطة بني غسان يومئذ تجاوزت ولاية دمشق، وربما شملت سورية كلها فقد ذكر المؤرخون أن جبلة بن الأيهم آخر ملوك غسان ابتنى بين اللاذقية و طرابلس مدينة سماها باسمه وهي جبلة التي لم تزل عامرة إلى هذا العهد … لا جرم إن سلطة العرب كانت يومئذ مبسوطة على الشام، وكانت عاصمة ملوكهم دمشق ولولا ذلك لما تسنى لجبلة أن يبتني تلك المدينة ويسميها باسمه»، وهذا القول لم يشاركه فيه غيره من أهل البحث والنقد فيما نعلم فيثبت أو يسقط.

وأما الخلاف في حكمهم دمشق فقوي جدا ولفريقي المختلفين أدلة وحجج؛ فمن القائلين بالسلب المستشرق الكبير نلدك صاحب تاريخ أمراء غسان (ص ٤٧).

قال: «وأما عاصمة الغسانيين فكانت الجابية في الجولان، وهي عبارة عن قرية كان يسكنها قوم من الحضر مع لواحق تحدق بها يأوي إليها أهل الوبر، وكان ملوك غسان في وسطهم كشيوخ القبيلة يقطنون قصرا ابتنوه في ظهرانيهم»، كذا نقلته المشرق وقد نقصهم هذا المحقق قدرهم لما ثبت في التاريخ من إعظام ملوك الروم لهم وتقدمهم عندهم مما لا يكون لشيوخ القبائل مثله، وأيد أحد الباحثين رأي نلدك (راجع مجلة المشرق ج ١، ص ٤٨٤، وج ٣، ص ٤٣٨)، ومن القائلين بأن الغسانيين حكموا دمشق المستشرق الدكتور فانديك قال في كتابه «المرآة الوضية»: «وكانت - يعني دمشق - قبل الإسلام تحت آل جفنة ملوك غسان الذين يقول فيهم حسان بن ثابت:

أولاد جفنة حول قبر أبيهم … قبر ابن مارية المعم المخول

يسقون من ورد البريص عليهم … بردى يصفق بالرحيق السلسل

ومن نقض هذا القول فحجته قول حسان في نفس القصيدة:

<<  <   >  >>