للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلام (ج ١، ص ١٢٨) عن أحد وزراء المعتضد عبد الله بن سليمان قال: كنت عند المعتضد يوما، وخادم بيده المذبة (المروحة)، إذ ضربت قلنسوة المعتضد، فسقطت، فكدت أختلط إعظاما للحال، ولم يتغير المعتضد، وقال: هذا الغلام قد نعس، ولم ينكر عليه، فقبلت الأرض وقلت: والله يا أمير المؤمنين ما سمعت بمثل هذا، ولا ظننت أن حلمه يسعه، فقال: وهل يجوز غير هذا؟ أنا أعلم أن هذا الصبي البائس لو دار في خلده ما جرى لذهب عقله وتلف، والإنكار لا يكون إلا على [المتعمد] دون الساهي الخاطئ، ولم يكن حلمه فيما يحسن به الحلم دونه شدته فيما تجب به الشدة؛ فإنه كان صارم العقوبة اتخذ للمجرمين وذوي المفاسد مطامير تحت الأرض، (وهي حفائر كانت تخبأ فيها الحبوب)، فجعل يزجهم بها ولما مات وولي ابنه المكتفي أمر بهدمها، ومرض المعتضد في بغداد فجدد البيعة لابنه المكتفي بالله ومات بها ومدة خلافته تسع سنين وتسعة أشهر، ونصف شهر إلا يومين.

مات المعتضد، وابنه أبو محمد علي الملقب بالمكتفي بالله في الرقة فلما جاءه الخبر أخذ البيعة على من عنده من الأجناد، وقدم بغداد فاستلم زمام الملك فقام به قياما حسنا وظفر في أكثر ما كان بينه وبين العصاة والثائرين من الوقائع، مولده سنة ٢٦٣ هـ و خلافته سنة ٢٨٩ هـ ووفاته سنة ٢٩٥ هـ، وعاصمته بغداد مقر آبائه وهو:

المكتفي بن المعتضد بن الموفق بن المتوكل، مرض وهو شاب في الثانية والثلاثين من عمره وطال مرضه فعهد بالخلافة إلى أخيه جعفر المقتدر، ومات ومدة حكمه ستة سنين وستة أشهر وتسعة عشر يوما، ولم يكن كأبيه.

وبويع أبو الفضل جعفر بن المعتضد بالخلافة ولقب نفسه المقتدر بالله بعد وفاة أخيه المكتفي، وكان صغير السن لا يتجاوز الثالثة عشرة فاستصغر وتكلم الناس في أمره فخلعوه.

<<  <   >  >>