المعتمد وأظهر بسالة ودراية في حروبه مع الزنج والأعراب وهو في سن الشباب وبويع بالخلافة بعد وفاة عمه المعتمد سنة ٢٧٩ هـ: فحل عن بني العباس عقدة المتغلبين وظهر بمظهر الخلفاء العاملين، ثم جعل يتوجه بنفسه إلى المفسدين في البلاد وأصحاب الشعب فيقمع ثائرتهم ويفرق عصبتهم ويعود ظافرا فاخرا.
قال ابن الأثير:«وكان المعتضد شهما شجاعا مقداما، وكان ذا عزم مهيبا عند أصحابه يتقون سطوته ويكفون عن الظلم خوفا منه».
وكانوا يقولون: قامت الدولة بأبي العباس وجددت بأبي العباس، يريدون بالأول السفاح وبالثاني المعتضد، قال ابن الرومي:
هنيئا بني العباس أن إمامكم … إمام الهدى والجود والناس أحمد
كما بأبي العباس أنشئ ملككم … كذا بأبي العباس أيضا يجدد
وكان المعتضد عارفا بالأدب والشعر، قال ابن خلكان في وفيات الأعيان (ج ١، ص ٢٠٣ من طبعة باريس): «كان أبو بكر المعروف بابن العلاف النهرواني الشاعر ينادم الإمام المعتضد بالله قال: بت ليلة في دار المعتضد مع جماعة من ندمائه فأتانا خادم ليلا فقال: أمير المؤمنين يقول: أرقت الليلة بعد انصرافكم فقلت:
ولما انتبهنا للخيال الذي سرى … إذا الدار قفرى والمزار بعيد
وقد أرتج علي تمامه فمن أجازه بما يوافق غرضي أمرت له بجائزة، قال: فأرتج على الجماعة وكلهم شاعر فاضل فابتدرت وقلت: