للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدولة العباسية بعجز ملوكها وخور عزائمهم وهو الذي قوض بعد ذلك أركانها وهدم بنيانها وزلزل سلطانها وفرق أعوانها، وكان حسب الرجل العظيم منهم أن يستميل بعض أولئك الدخلاء إليه ويجعل لكلمته بعض النفوذ ولقوته بعض التأثير كما كان شأن صاحب هذه الترجمة وأبيه من قبله وإليك طرفا من حديثهما:

لما تولى المعتمد (سنة ٢٥٦ هـ) وهو الخليفة المتقدم ذكره أراد أن ينهض بأعباء الملك فأثقلته فلجأ إلى أخيه أبي أحمد طلحة بن المتوكل فعهد إليه بالخلافة ولقبه الموفق بالله واستعان به على أعدائه فكان الموفق من كبار الرجال صد عن أخيه المعتمد غارات الطامعين بملكه، ولكنه اختص بأمور المملكة نفسه وحجر على المعتمد حتى كان يتمنى الشيء اليسير فلا يناله، وكان الموفق شجاعا كثير الحروب موفقا في جميع أعماله، عادلا حسن السيرة يجلس للمظالم وعنده القضاة وغيرهم فينتصف الناس بعضهم من بعض، وهو عالم بالأدب والنسب والفقه وسياسة الملك وأخباره مستطابة (راجع الكامل جـ/ ٧)، ولم تخدم الموفق السعادة فيتولى الخلافة اسما كما تولاها فعلا فإنه توفي في أيام أخيه المعتمد بعلة النقرس سنة ٢٧٨ هـ ودفن ببغداد، ولما مات الموفق بايع القواد بولاية العهد بعد المفوض [إلى الله] بن المعتمد للمعتضد بالله أحمد ابن الموفق.

وفي مبدأ سنة ٢٧٩ هـ خلع المعتمد على الله ابنه جعفر الملقب بالمفوض إلى الله من ولاية العهد وعهد بالخلافة من بعده للمعتضد ابن أخيه الموفق، فأسقط اسم المفوض من السكة والخطبة وأثبت اسم المعتضد وهو صاحب هذه الترجمة:

أبو العباس المعتضد بالله أحمد بن أبي أحمد الموفق بالله طلحة بن المتوكل: ولد ببغداد ونشأ بها، فكان عضد أبيه الموفق وساعده في حياته أيام خلافة

<<  <   >  >>