للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على ما هم عليه ولا تظهر لهم أنك تميل إلى فرقة من الفرق فإن ذلك أصلح في السياسة وأحرى في التدبير، فرجع المأمون عن رأيه.

وكان شعار العباسيين السواد فأراد المأمون أن يستبدله بشعار العلويين وهو الأخضر فأمر قواده وخاصته أن يخلعوا الثياب السود ويلبسوا ثيابا خضرا ففعلوا فخاطبه بنو العباس وقواد خراسان في الأمر فخاف الفتنة فعاد إلى شعار آبائه، وكان مولعا بالصفح محبا للعفو حبا عجيبا حتى إنه ربما ضرب به المثل فيه ومن كلامه:

لو علم المذنبون ما أجد في العفو من اللذة لتقربوا إلي بالذنوب دون رهبة، وفي شرح النهج أن أحد كتاب المأمون أذنب ذنبا فتقدم ليحتج لنفسه ويعتذر، فقال له المأمون: يا هذا قف مكانك، فإنما هو عذر أو يمين، وقد وهبتهما لك، وقد تكرر منك ذلك، فلا تزال تسيء ونحسن، وتذنب ونغفر، حتى يكون العفو هو الذي يصلحك.

وقد نقلت بعض أخباره في العفو في كتابي «الصيب المنثال في شرح أرجوزة الأمثال»، فارجع إليه إن شئت، وله كلم رائعة يؤثر عنه منها قوله:

- لله در القلم كيف يحوك وشي المملكة، إنما تطلب الدنيا لتملك فإذا ملكت فلتوهب.

- الثناء بأكثر من الاستحقاق ملق والتقصير عن الاستحقاق عي أو حسد.

- النساء شر كلهن ومن شر ما فيهن قلة الاستغناء عنهن.

- الناس أربعة: ذو سيادة أو صناعة أو تجارة أو زراعة فمن لم يكن منهم كان عيالا عليهم.

- النميمة لا تقرب مودة إلا أفسدتها ولا عداوة إلا جددتها ولا جماعة إلا بددتها ثم لابد لمن عرف بها ونسب إليها أن يجتنب ويخاف من معرفته ولا يوثق بمكانه.

<<  <   >  >>