للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهلك وولدك في غيبتك، وصديقك في مصيبتك، وذا القرابة عند فاقتك، والتودد والملق عند عطلتك، لتعلم بذلك منزلتك.

وجاء في خطبة أثبتها له الجاحظ في البيان والتبيين:

أما بعد؛ فإن الجهاد باب من أبواب الجنة؛ فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله ثوب الذلة، وشمله البلاء، وألزمه الصغار، وسيم الخسف، ومنع النصف، ألا وإني قد دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم - يريد بني غامد - ليلا ونهارا سرا وإعلانا، وقلت لكم: اغزوهم قبل أن يغزوكم فوالله ما غزي قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا، فتواكلتم وتخاذلتم وثقل عليكم قولي واتخذتموه وراءكم ظهريا، حتى شنت عليكم الغارات هذا أخو غامد قد وردت خيله الأنبار وقتل ابن حسان البكري وأزال خيلكم من مسالحها وقتل منكم رجلا صالحين، وقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة فينتزع أحجالها وقلبها ورعثها، ثم انصرفوا وافرين ما كلم رجل منهم حلما فلو أن امرأ مسلما مات من بعدها أسفا ما كان عندي ملوما، بل كان عندي جديرا بها فيا عجبا من جد هؤلاء القوم في باطلهم وفشلكم عن حقكم، فقبحا لكم وترحا حين صرتم غرضا يرمى وفينا ينهب، يغار عليكم ولا تغيرون وتغزون ولا تغزون، ويعصى الله وترضون فإذا أمرتكم بالسير إليهم في الحر قلتم حرارة القيظ أمهلنا حتى ينسلخ عنا الحر، وإذا أمرتكم بالسير في البرد قلتم أمهلنا حتى ينسلخ عنا القر كل هذا فرارا من الحر والقر؟ فإذا كنتم من الحر والقر تفرون فأنتم والله من السيف أفر، يا أشبه الرجال ولا رجال! ويا أحلام الأطفال وعقول ربات الخجال! وددت أن الله أخرجني من بين ظهرانيكم وقبضني إلى رحمته من بينكم والله لوددت أني لم أركم ولم أعرفكم معرفتكم، والله حرت ندما وورثتم صدري غيظا وجرعتموني الموت أنفاسا وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان حتى قالت قريش: إن ابن أبي طالب شجاع، ولكن لا علم له بالحرب الله أبوهم! وهل منهم أحد أشد

<<  <   >  >>