للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معاوية؛ فإن بايع لك فعلي أن أقلعه من منزله»، قال علي: «والله لا أعطيه إلا بالسيف»، فقال ابن عباس: «يا أمير المؤمنين، أنت رجل شجاع لست صاحب رأي في الحرب، أما سمعت رسول الله يقول: الحرب خدعة؟ قال: بلى! قال: «والله لئن أطعتني لأصدرنهم بعد ورد، ولا تركتهم ينظرون في دبر الأمور لا يعرفون ما كان وجهها في غير نقصان عليك ولا أثم لك … » فأزمع علي على ما ارتأى وبعث الرجال فكان لسهل بن حنيف ما كان فلما عاد وأخبره أخذ يتجهز للزحف على الشام لقتال معاوية [و] من أخذ إخذه، وإذا هم بنبأ جديد، جمع من المسلمين ثاروا عليه في البصرة برأسهم طلحة والزبير الصحابيان الجليلان وعائشة أم المؤمنين وكلهم يتهمونه بقتل عثمان، فحول علي قوته إليهم وتوجه نحوهم فكانت الواقعة المعروفة باسم «وقعة الجمل» حاربهم فيها علي بنصرأة له من أهل الكوفة والحجاز فظفر بهم وفرق جمعهم، فلم يطمئن حتى بلغه وهو في الكوفة أن معاوية يتهيأ للوثوب، فكتب إليه كتابا يدعوه فيه إلى البيعة وليؤكد له أنه بريء، من دم عثمان، فأجابه معاوية بأنه: إن لم يكن هو قاتل عثمان، فإنه يتقمم منهم أنصاره، وأنه لا يبايع إلا بعد أمرين: أن يدفع إليه قتلة عثمان ينتقم منهم، وأن يترك الأمر شورى بين المسلمين كما تركه عمر؛ فإن اتفقوا عليه بايعه، فأغلظ له علي في الجواب، وترا دفت الرسائل بينهما، ولم يشعر علي إلا وأهل الشام زاحفة بجيوشها عليه، فجهز أهل العراق، ومن كان معه من رجال الحجاز وخرج يريد القتال، فتلاقى الجمعان في موضع يقال له صفين (كسجيل: موضع بقرب الرقة على شاطئ الفرات من الجانب الغربي بين الرقة وبالس) قال ياقوت في معجم البلدان (ج ٥، ص ٣٧٠): «كانت وقعة صفين في سنة ٣٧ في غرة صفر … وكان علي في مئة وعشرين ألفا، ومعاوية في تسعين ألفا، وقتل في الحرب بينهما سبعون ألفا منهم من أصحاب علي خمسة وعشرون ألفا، ومن أصحاب معاوية خمسة وأربعون ألفا … وكان مدة المقام بصفين مئة يوم وعشرة أيام، وكانت الوقائع تسعين وقعة».

<<  <   >  >>