للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من التراث القديمة والأحقاد، وهو - أي علي - الذي قتل أخاه حنظلة وخاله الوليد وجده عتبة في مقام واحد ثم ما جرى بينهما في أيام عثمان حتى أغلظ كل واحد منهما لصاحبه وحتى تهدده معاوية، وقال له: إني شاخص إلى الشام وتارك عندك هذا الشيخ - يعني عثمان - والله لئن أنحضت منه شعرة واحدة لأضربنك بمئة ألف سيف … إلخ».

فلما بعث علي الرجال إلى الأمصار سير سهل بن حنيف واليا على الشام؛ فسار حتى بلغ تبوك فإذا خيل من الشام فقالوا: من أنت؟ قال: أمير، قالوا: على أي شيء؟ قال: على الشام. قالوا: إن كان بعثك عثمان فحي هلا بك، وإن كان بعثك غيره فارجع، فرجع إلى علي، وبلغ معاوية الخبر فقام في الناس فأخبرهم بأن عليا قتل عثمان وحرضهم على القيام لقتل من اشترك في دمه فاتجهت إليه القلوب، وكان علي لما أراد توجيه الأمر بالعزل إلى معاوية وأضرابه من عمال عثمان نهاه أصحابه وأطالوا عليه ولا سيما المغيرة بن شعبة وعبد الله بن العباس وهما من خيرة عقلاء المسلمين ودهاتهم فأبى وأصر (راجع كامل ابن الأثير المجلد الثاني)، قال له المغيرة: «أقرر معاوية وابن عامر - والي البصرة - وعمال عثمان على أعمالهم حتى تأتيك بيعتهم ويسكن الناس، ثم اعزل من شئت»، فكان يقول: «لا أداهن في ديني ولا أعطي الدنية في أمري»، قال: «فإن أبيت فانزع من شئت واترك معاوية فإن فيه جرأة وهو في أهل الشام يستمع منه ولك حجة في إثباته، كان عمر بن الخطاب قد ولاه الشام»، فقال: «لا والله لا أستعمل معاوية يومين!»، ودخل عليه ابن عباس فحدثه علي بقول المغيرة فقال: نصحك. قال: ولم نصحني؟ قال: «لأن معاوية وأصحابه أهل دنيا فمتى ثبتهم لا يبالون من ولي هذا الأمر، ومتى عزلتهم يقولون أخذ هذا الأمر بغير شورى، وهو قتل صاحبنا ويؤلبون عليك فتنتفض عليك الشام وأهل العراق مع أني لا أمن طلحة والزبير أن يكرا عليك، وأنا أشير عليك أن تثبت

<<  <   >  >>