للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا وعظتهم فأوجز فإن كثير الكلام ينسي بعضه بعضا، وأصلح نفسك يصلح لك الناس، وإذا قدم عليك رسل عدوك فأكرمهم وأقلل لبثهم حتى يخرجوا من عسكرك وهم جاهلون به، وأنزلهم في ثروة عسكرك، وامنع من قبلك من محادثتهم، وكن أنت المتولي لكلامهم، وإذا استشرت فاصدق الحديث تصدق المشورة ولا تخزن عن المشير خبرك فتؤتى من قبل نفسك، واسهر بالليل في أصحابك تأتك الأخبار، وتنكشف عندك الأستار، وأكثر حرسك وبددهم في عسكرك، وأكثر مفاجأتهم في محارسهم بغير علم منهم؛ فمن وجدته غفل عن حرسه فأحسن أدبه وعاقبه في غير إفراط، وأعقب بينهم بالليل واجعل النوبة الأولى أطول من الأخيرة؛ فإنها أيسرهما لقربها من النهار، لا تجالس العباثين وجالس أهل الصدق والوفاء، واصدق اللقاء ولا تجبن فيجبن الناس، ولا تغفل عن أهل عسكرك فتفسده، ولا تجسس عليهم فتفضحهم، ولا تكشف الناس عن أسرارهم، واكتف بعلانيتهم، وستجد أقواما حبسوا أنفسهم في الصوامع فدعهم وما حبسوا أنفسهم له».

ومن كلامه: «ثلاث من كن فيه كن عليه: البغي والنكث والمكر، قال الله تعالى: ﴿ياأيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم﴾ (يونس: ٢٣)، وقال: ﴿فمن نكث فإنما ينكث على نفسه﴾ (الفتح: ١٠)، وقال: ﴿ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله﴾ (فاطر: ٤٣)».

وهو القائل لخالد بن الوليد: «فر من الشرف يتبعك الشرف، واحرص على الموت توهب لك الحياة» يريد بالشرف الرياسة والسيادة.

ولما عهد بالخلافة إلى عمر بن الخطاب كان كتاب عهده ما ترى:

«بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما عهد به أبو بكر خليفة محمد رسول الله عند آخر عهده بالدنيا، وأول عهده بالآخرة في الحال التي يؤمن فيها الكافر، ويتقي الفاجر، إني استعملت عليكم عمر بن الخطاب؛ فإن بر وعدل فذلك

<<  <   >  >>