وذكر (١) الشَّيخ الزَّيْلَعِي في "شرح الكنز" هذه الحكاية حيث قال (في باب)(٢) الاستيلاد: وقال بشر وداود الظاهري: يجوز بيعها ولا تعتق بموت المولى، وروي عن علي ﵁: أنه كان يجوز بيع أمهات الأولاد، ثم رجع إلى قول الجماعة، حكي عن أبي سعيد البَرْدَعي شيخ الكَرْخي أنه خرج حاجًّا من بردعة، فوصل يوم الجمعة بغداد، فرأى بعد صلاة الجمعة قومًا جلسوا للنظر وفيهم داود، فسأله حنفي عن بيع أم الولد، فقال: يجوز؛ لأنّ بيعها كان جائزًا قبل العلوق بالإجماع، فنحن على هذا الإجماع حتى ينعقد إجماع آخر؛ لأنَّ ما ثبت باليقين لا يزول إلا بيقين مثله، فتحيَّر الحنفي؛ لأنَّه لا يقبل القياس وحيَّره (٣)، قال أبو سعيد البَرْدَعي (٤): أجمعنا على عدم جواز بيعها بعد العلوق؛ لأنَّ في بطنها ولد حرٌّ، فنحن على هذا الإجماع حتى ينعقد إجماع آخر فتحيَّر داود و انقطع.
فلما رأى وهنه ووهن أصحابه في الفقه ترك الخروج إلى الحج، وجلس للتدريس، فاجتمع أصحاب داود عند أبي سعيد، وكان على ذلك حتى سمع ليلة (٥) مناديًا يقول: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾ [الرعد: ١٧]، فما لبث ساعة إذ قرع إنسانٌ بابه وأخبره بموت داود، فاستقر أمره بعد ذلك، انتهى ما ذكره الزَّيْلَعِي.
* * *
(١) أ: قال. (٢) ساقطة من: أ. (٣) أ: (وحيرة الواحد لا توجب اليقين). (٤) ساقطة من ض، ع. (٥) ساقطة من: أ.