الثالثة: طبقة المجتهدين في المسائل التي لا رواية فيها عن صاحب المذهب، كالخَصَّاف، وأبي جعفر الطَّحاوي، وأبي الحسن الكَرْخي، وشمس الأئمة السَّرَخْسي، وشمس الأئمة الحَلْوَاني، وفخر الإسلام البَزْدَوي، وفخر الدِّين قاضي خان، وأمثالهم، فإنهم لا يقدرون على المخالفة للشيخ لا في الأصول ولا في الفروع، ولكنهم يستنبطون الأحكام في المسائل التي لا نصَّ فيها عنه، على حسب أصول قررها، ومقتضى قواعد بسطها.
الرابعة: طبقة أصحاب التَّخريج، من المقلِّدين كالرَّازي وأضرابه، فإنَّه لا يقدرون على الاجتهاد أصلًا، لكنهم لإحاطتهم بالأصول وضبطهم للمأخذ يقدرون على تفصيل قول مجمل ذي وجهين، وحكم مبهم محتمل لأمرين، منقول عن صاحب المذهب، أو عن واحد من أصحابه المجتهدين برأيهم ونظرهم في الأصول والمقايسة، على أمثاله ونظائره من الفروع، وما وقع في بعض المواضع من "الهداية" من قوله: كذا في تخريج الرَّازي؛ من هذا القبيل.
الخامسة: طبقة أصحاب الترجيح من المقلدين، كأبي الحسين (١) القُدُوري، وصاحب "الهداية" وأمثالهما، وشأنهم تفضيل بعض الروايات على بعض آخر بقولهم: هذا أولى، وهذا أصح رواية، وهذا أوضح دراية، وهذا أوفق للقياس، وهذا أرفق للناس.
السادسة: طبقة المقلدين القادرين على التمييز بين الأقوى والقوي والضعيف، وظاهر المذهب وظاهر الرواية والرواية النادرة، كأصحاب المتون الأربعة المعتبرة من المتأخرين، مثل صاحب "الكنز"، وصاحب "المختار"، وصاحب "الوقاية"، وصاحب "المجمع"، وشأنهم أن لا ينقلوا في كتابهم الأقوال المردودة والروايات الضعيفة.