أكثر العلماء، وإذا أعطي من غير طلب لم يحل له الشروع ما لم يُجبر عليه، وهذا قول الكَرْخي والخَصَّاف وعلماء العراق، وهو اختيار أبي حنيفة، فقد امتنع عنه حتى ضُرب أسواطًا، ومحمَّد أباه حتى قُيِّد نيّفًا وخمسين يومًا، انتهى] (١).
ولي قضاء الرَّقة لهارون الرشيد، فأقام بها مدَّة، ثم عزله عنها، ثم سار معه إلى الريِّ، فولي القضاء بها، فمات بها سنة تسع وثمانين ومئة، وهو ابن ثمان وخمسين سنة، في اليوم الذي مات فيه الكسائي. فقال الرشيد: دفن الفقه والعربية بالريِّ.
وقال: إنها بلدة شؤمة دخلتها ومعي الفقه والأدب، وخرجت وليس معي شيء.
[حكي أنَّه اجتمع الكسائي ومحمَّد بن الحسن يومًا في مجلس، فقال الكسائي: من تبحَّر في علم اهتدى إلى جميع العلوم. فقال له محمد: ما تقول فيمن سهى في سجود السَّهو، هل يسجد مرَّة أخرى؟ قال: لا يصحّ. قال: لماذا؟ قال: لأنَّ النُّحاة يقولون: التَّصغير لا يصغَّر. قال محمَّد: فما تقول في تعليق العتق بالملك، قال: لا يصح، قال: لماذا؟ قال: لأنَّ السيل لا يسبق المطر.
واعلم أنّ مسائل مذهبنا على ثلاث طبقات:
الطبقة الأولى: مسائل الأصول، وهي مسائل ظاهر الرِّواية، وهي مسائل "المبسوط" لمحمد، ولها نسخ، أشهرها وأظهرها (٢) نسخة أبي سليمان الجُوْزَجاني، ويقال له: الأصل.
ومسائل "الجامع الصغير"، ومسائل "الجامع الكبير"، و"السير"(٣)، و"الزيادات"، كلها تأليف محمَّد بن الحسن.