قال: أي بُني، إنّي قد سهرت البارحة في أمر عمك سليمان، فإذا صليت الظُّهر رددْتُ المظالم، فقال (له ابنه): (١) يا أمير المؤمنين، من أين لك أن تعيش إلى الظهر؟! فقال: اُدن مني، فدنا منه، فقبَّله بين عينيه، وقال: الحمد لله الذي أخرج من ظهري من يُعينني على ديني، فخرج ولم يُقل، وأمر مناديه (٢) أن يُنادي: ألَا مَنْ كانت له ظُلامة فليرفعها.
وعن (٣) رجاء بن حيوَة: كان عمر بن عبد العزيز من أكيس الناس وأعظمهم، وأجملهم (٤) في مشيته ولبسه، فلما استخلف قُوِّمَت ثيابه، وعمامته، وقميصه، وقباه، ورداه، فإذا هنَّ يعدلْنَ اثني عشر درهمًا.
وعن ابن عساكر وغيره (٥): أنَّ عمر بن عبد العزيز ﵀ كان قد شدَّد على أقاربه، وانتزع (كثيرًا مما)(٦) في أيديهم، فتبرَّموا به وسَمُّوه.
ويروي أنّه دعا بخادمه الذي سمَّه وقال له: وَيْحَكَ! ما حملك على أن سقيتني السُّمَّ؟ قال: ألف دينار أعطيتها، قال هاتها، فجاء بها، فأمر بطرحها في بيت المال، وقال لخادمه: اذهب لا يراك أحدٌ.
ولما احتضر قال: أجلسوني، فأجلسوه، فقال: إلهي أنا الذي أمرتني فقصَّرْتُ ونهيتني (٧) فعصيْتُ، ولكن لا إله إلا الله.