غابت، فبكى الحسن فتعطيه أم سلمة ثديها، فتعلِّله به إلى أن تجيء أمُّه، يدر عليه (١) ثديها فيشربه، فيرون أنَّ تلك الحكمة والفضل من بركة ذلك.
وكان الحسن بارعَ الفصاحة، بليغَ المواعظ، كثيرَ العلم، جميع كلامه في الوعظ وذم الدنيا.
بلغ من العمر (٢) تسعًا وثمانين سنة (٣)، كان مولده لسنتين بقيتا من خلافة عُمر، ومات سنة عشر ومئة، في السنة التي مات فيها محمَّد بن سيرين، بعده بمئة يوم، ولم يشهد ابن سيرين جنازته لشيء كان بينهما. ذكره ابن قتيبة (٤).
(وذكر أيضًا)(٥) في "المعارف"(ص ٤٤١): [وكان الحسن تكلَّم في شيء من القدر، ثم رجع عنه، وكان عطاء بن يسار قاضيًا، ويرى (٦) القدر، وكان لسانه سحرًا، وكان يأتي إلى الحسن هو ومعبد الجهني فيسألانه فيقولان: يا أبا سعيد! إنّ هؤلاء الملوك يسفكون دماء المسلمين ويأخذون الأموال ويفعلون، ويقولون: إنما تجري أفعالنا على قدر الله تعالى، فقال: كذب أعداء الله.
وذكر محمَّد الشَّهْرَسْتاني في "الملل والنِّحل": رأيت رسالة نُسبت إلى الحسن البصري كتبها إلى عبد الملك بن مروان، وقد سأله عن القول بالقدر والجبر، فأجابه بما يوافق مذهب القدريَّة، واستدلَّ فيها بآيات من الكتاب ودلائل من العقل، ولعلها
(١) ض: عليها. (٢) ض، أ: السن. (٣) زيادة من ع. (٤) "المعارف" ص: ٤٤١. (٥) ساقطة من: ع. (٦) ض: يروي.