فاختر أي الأمرين شئت، إن شئت أن تجتهد برأيك وتتقدم فتقدم، (وإن شئت أن)(١) تتأخر فامتنع، ولا أرى التأخير إلا خيرًا لك.
يعني: إن شئت أن تجتهد فاجتهد رجاء أن يوافق الصواب فيكون لك أجران، وإن شئت أن تمتنع من الاجتهاد مخافة أن تقتصر (٢) في طريق الاجتهاد فتخطئ فامتنع، ولا أرى التأخير إلا خيرًا لك؛ يعني أسلم لذلك، فإن المجتهد لا يصيب الحق الذي عند الله تعالى إلا بالاجتهاد لا محالة.
قال الصَّدر الشَّهيد: وهذا إنما كان في زمانهم، فإنَّه كان من المجتهدين كغيره (٣)، فإذا امتنع عن الاجتهاد واحد لا يضيع حكم الله تعالى] (٤).
وكان طبقة شريح عالية، حتى صار لم ينعقد الإجماع بلا رأيه في زمانه، (واعتبروا خلافه بالصحابة)(٥)، وكذا مَسْروق وعَلْقَمة.
[وفي "أصول فخر الإسلام" البَزْدَوي في باب متابعة أصحاب (٦) النبيّ ﷺ: وأما التابعي فإن كان لم يبلغ درجة الفتوى في زمن الصحابة ولم يزاحمهم في الرأي، كان أسوة سائر أئمة الفتوى دون الصحابة من السَّلف لا يصح تقليده، وإن ظهرت فتواه في زمن الصحابة كان مثلهم في هذا الباب؛ أي في التقليد عند بعض مشايخنا، لتسليم مزاحمته إياهم، وقال بعضهم: لا يصح تقليده وإن ظهر