ثم صار مدرِّسًا بها، ولم يثبت إلا سنين قليلة حتى مات في أوائل عشر الستين وثمانمئة، وكان سنُّه وقت وفاته ثلاثًا وثلاثين سنة.
وكان ﵀ مشتغلًا بالعلم والعبادة لا ينفكُّ عنهما ساعة، وكان يأكل في كل يوم وليلة مرة واحدة ويكتفي بالأقل، وكان نحيفًا في الغاية، حتى روي أنه كان سبابته وإبهامه يدخل فيهما يده إلى أن تنتهي إلى عضده.
(ومن تلامذته المولى غياث الدِّين بن أخي الشَّيخ العارف بالله آقْ شمس الدِّين الشهير بباشا (١) جلبي، والمولى كمال الدِّين قَرَه كمال) (٢).
يحكى عن باشا جلبي أنّه قال: لازمته مقدار سنين، وقرأت عليه في بلدة إِزْنِيقْ، ولم أره مزح (٣) ولا ضحك، وكان دائم الصَّمت، مشتغلًا بالعبادة، وملاحظًا دقائق العلوم، وكان لا يتكلَّم إلا عند مباحثة العلوم.
حكي أنَّه اجتمع يومًا مع المولى خواجه زاده في الجامع، وباحث معه، فغلب عليه، فلما رجع إلى بيته قال له بعض الحاضرين: اليوم غلبت علي خواجه زاده، قال: إني ما زلت أضرب على رأس ابن صالح البخيل، وكان يلقب جد المولى خواجه زاده بذلك، روي عن باشه جلبي أنه قال: ما رأيت ضحكه إلا في هذه الساعة.
ويحكى أنّ المولى خواجه زاده ما نام على الفراش قط إلى أن مات المولى خيالي خوفًا منه لفضله، وقال بعد وفاته: أنا أستلقي بعد ذلك على ظهري.
وله حواش على "شرح العقائد النَّسفية" للعلامة التَّفْتَازَانِي، سلك فيها مسلك