وفي شرح شمس الأئمَّة السَّرَخْسي لـ "مختصر الحاكم الشَّهيد": ولنا حديث رافع بن خديج ﵁ أنّ النبي ﷺ قال: "أسفروا بالفجر، فإنّه أعظم للأجر"(١)، ولأن في الإسفار تكثير الجماعة وفي التغليس تقليلها، وما يؤدي إلى تكثير الجماعة كان أفضل، ولأن المكث في مكان الصلاة حتى تطلع الشمس مندوب إليه، قال ﷺ:"من صلى الفجر ومكث في مصلاه حتى تطلع الشمس، فكأنما أعتق أربع رقاب من ولد إسماعيل ﵇"(٢)، وإذا أسفر ربما يمكن إحراز هذه الفضيلة، وعند التغليس قلما يتمكن منه.
والمعنى الفقهي فيه أنّ تأخير الفجر إلى آخر الوقت مباح بالإجماع لا كراهة فيه وتقليل الجماعة أمر مكروه، وفي "الفتاوى الظَّهِيْرِيَّة": فالحاصل أنّ تأخير الفجر والعصر مستحب، نص عليه الحاكم الجليل في "المختصر".
وأما بيان الأوقات المستحبة في يوم الغيم وغير الغيم، أما في غير يوم الغيم فينور بصلاة الغداة (٣)، وأما في يوم الغيم فينور الفجر، وقال فيه: ويكره الكلام بعد انفجار الصبح، وإذا صلى الفجر جاز له الكلام، وسئل واحد من كبار العلماء عن تأخير صلاة الفجر قال: يؤخر جدًّا، وقيل: لو أخر مقدار ما لو سبقه الحدث يمكنه البناء في الوقت؟ قال: لا، ولكن يؤخر زيادة على
(١) رواه أبو داود (٤٢٤)، والترمذي (١٥٤)، والنسائي (٥٤٨)، وقال الترمذي: حسن صحيح. (٢) روى نحوه أبو داود (٣٦٦٧) من حديث أنس ﵁. وروى نحوه الإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٢٥٥)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٨٠٢٨)، من حديث أبي أمامة ﵁. (٣) ع: الغيم.