ولد له، ثم أراد أن يتحول عنهم، فقال:«يا معاشر النمر إن لكم حقا علي في مصاهرتي فيكم ومقامي بين أظهركم وإني موصيكم بخصال آمركم بها وأنهاكم عن خصال: عليكم بالأناة؛ فإن بها تدرك الحاجة وتنال الفرصة، وتسويد من لا تعابون بتسويده، والوفاء بالعهود؛ فإن به يعيش الناس، وإعطاء ما تريدون إعطاءه قبل المسألة. ومنع ما تريدون منعه قبل الإنعام، وإجارة الجار على الدهر، وتنفيس البيوت عن منازل الأيامى، وخلط الضيف بالعيال [بالإكرام]، وأنهاكم عن الغدر؛ فإنه عار الدهر، حاد عن الرهان؛ فإن به ثكلت مالكا أخي، وعن البغي؛ فإن به صرع زهير أبي، وعن السرف في الدماء؛ فإن قتلى أهل الهباءة أورثتني العار، ولا تعطلوا في الفضول؛ فتعجزوا عن الحقوق، وأنكحوا الأيامى الأكفاء؛ فإن لم تصيبوا بهن الأكفاء فخير بيوتهن القبور، واعلموا أني أصبحت ظالما مظلوما، ظلمني بنو بدر بقتل أخي مالك، وظلمتهم بقتل من لا ذنب له»، ثم رحل إلى عمان فتنصر بها وتقشف وعف عن المأكل حتى أكل الحنظل، وما زال بها إلى أن مات.
وقد روي له شعر جيد، منه قوله بعد وقعة جفر الهباءة يرثي حمل ابن بدر:
تعلم أن خير الناس ميت … على جفر الهباءة لا يريم
ولولا ظلمه ما زلت أبكي … عليه الدهر ما طلع النجوم
لكن الفتى حمل بن بدر … بغي والبغى مرتعه وخيم
أظن الحلم دل علي قومي … وقد يستجهل الرجل الحليم
ومارست الرجال ومارسوني … فمعوج علي ومستقيم
فلا تغش المظالم، لن تراه … يمتع بالغني الرجل الظلوم