للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر، وهاله نشوب القتال بين المسلمين؛ فمال إلى السلم، وكتب إلى معاوية يتنازل له عن الخلافة لقاء شروط يشترطها، فسر معاوية وصالحه وخلع الحسن نفسه وسلم الأمر إلى معاوية في بيت المقدس تورعا وحسما للشر، وسمي عام ذلك وهو سنة ١٤ هـ عام الجماعة لاجتماع كلمة الإسلام فيه واتفاقهما على حقن الدماء بعد تلك الحروب والفتن بين علي ومعاوية، ثم قصد معاوية الكوفة ورحل الحسن إلى المدينة؛ فأقام بها حتى توفي مسموما في قول بعضهم. ودفن بالبقيع عليه الرحمة والرضوان، ومدة خلافته ستة أشهر وخمسة أيام، وولد له أحد عشر ابنا وبنت واحدة. هذا ما يتعلق بسيرته.

وأما فصاحته وبداهته فكان معاوية يوصي حاشيته باجتناب محاورة رجلين هما: الحسن وعبد الله بن عباس؛ لقوة بداهتهما.

قال البيهقي: قدم الحسن على معاوية وعنده عمرو بن العاص ومروان بن الحكم والمغيرة بن شعبة وصناديد قومه ووجوه اليمن والشام، فأجلسه معاوية على سريره إكراما له فحسده مروان فقال: يا حسن، لولا حلم أمير المؤمنين ما أقعدك هذا المقعد ولقتلتك وأنت له مستوجب بقودك الجماهير فلما أحسست بنا وعلمت أن لا طاقة لك بفرسان أهل الشام وصناديد بني أمية أذعنت بالطاعة وبعثت تطلب الأمان، أما والله لولا ذلك لأريق دمك ولعلمت أنا نعطي السيوف حقها عند الوغى، فاحمد الله إذا ابتلاك بمعاوية فعفا عنك بحلمه، ثم صنع بك ما ترى .. فنظر إليه الحسن. وقال: ويحك يا مروان! لقد تقلدت مقاليد العار في الحروب عند مشاهدتها والمخاذلة عند مخالطتها، نحن! هبلتك الهوابل، لنا الحجج البوالغ والنعم السوابغ تفخر ببني أمية وتزعم أنهم صبر في الحروب أسد عند اللقاء؟ ثكلتك أمك! أولئك البهاليل السادة، والحماة الذادة، والكرام القادة، بنو عبد المطلب. أما والله لقد رأيتهم وجميع من في هذا البيت ما هالتهم الأهوال ولم يحيدوا عن الأبطال كالليوث الضارية الباسلة الحنقة فعندها وليت

<<  <   >  >>