العباد، فسلفك خير سلف، وأنت لنا بعدهم خير خلف، فلن يهلك من أنت خلفه، ولم يحمل من أنت سلفه، نحن أيها الملك أهل حرم الله وذمته وسدنة بيته أشخصنا إليك من أنهجك لكشف الكرب الذي فدحنا، فنحن وفد التهنئة، لا وفد المرزئة، لا زلت ناعم البال، مهنا في كل حال».
فقال سيف الملك: من أنت أيها المتكلم؟ قال: أنا عبد المطلب ابن هاشم، قال: ابن أختنا؟ قال: نعم، فأقبل عليه من بين القوم وقال: «مرحبا وأهلا ومناحا سهلا، وناقة ورحلا، وملكا [ … ](١)، يعطى عطاء جزلا، قد سمعت مقالتكم وعرفت قرابتكم، أهل الشرف والنباهة ولكم الكرامة ما أقمتم والحباء إذا طعنتم»، ثم أمر بهم إلى دار الضيافة فأقاموا شهرا لا يؤذن في مقابلته ولا في الانصراف، ثم دعا بعبد المطلب فأخبره أن كتبهم السماوية تبشر بنبي يظهر من ذريته، وأمره أن يكتم ذلك، وأجزل له العطايا وأكرم من جاء معه، وأذن لهم فعادوا.
وكان عبد المطلب إذا دخل شهر رمضان صعد حراء فتحنث (أي تعبد)، وأطعم المساكين جميع الشهر، وهو أول من خضب بالسواد من العرب. مات وعمره ٨٢ سنة - كما في عيون التواريخ - وفي الكامل أنه عاش ١٢٠ سنة، وفي سبائك الذهب ١٤٠ سنة، وخلف اثني عشر ولدا وهم: عبد الله، وأبو طالب، والزبير، وعبد الكعبة، والعباس، وضرار، وحمزة، والمقوم، وأبو لهب، وقثم، والغيداق، والحارث. وبعض الناسبين يعدهم عشرة، يهمل عبد الكعبة وقثم ويزيد ست بنات، وأنا ذاكر فيما يلي تراجم أشهر هؤلاء، وفي كتب السيرة النبوية أن رسول الله كان إذا انتخى في الحرب يقول: