وجارت السنة في هذه الفتنة على إخوانها من الشيعة فانتهبت بيوتها وسفكت دماءها وذلك بتحريض أبي بكر ابن الخليفة وبعض الأمراء الكارهين لابن العلقمي الوزير، وظهر من الخليفة ضعف أو إغضاء، آثار في قلب وزيره مؤيد الدين ابن العلقمي مراجل حقد كانت كامنة وحزن لما أصاب إخوانه الشيعة من الكوارث فكتب إلى قائد المغول وهو هولاكو حفيد جنكيز خان يعلمه بضعف الخليفة ويهون عليه أمر احتلال بغداد ويعده بالإعانة على خليفته، فزحف هولاكو بخيله ورحله يقود جيشا عرمرما من التتر، وذلك سنة ٦٥٥ هـ، وخرجت إليه عساكر الخليفة ثم انهزمت ونزل هولاكو على بغداد من الجانب الشرقي وانتشر عسكره في جميع جهاتها، فقدم عليه الوزير ابن العلقمي فتوثق منه لنفسه وعاد إلى الخليفة المستعصم، وقال: إن هولاكو يبقيك في الخلافة كما فعل بسلطان الروم ويريد أن يزوج ابنته من ابنك أبي بكر وحسن له الخروج إلى هولاكو فخرج إليه المستعصم في جمع من أكابر أصحابه فأنزل في خيمته ثم استدعى الوزير الفقهاء والأماثل فاجتمع هناك جميع سادات بغداد والمدرسون والعلماء فلما تكاملوا أمر بهم هولاكو فأحاطت فيه العساكر وقتلوا عن آخرهم، وأبقى الخليفة حيا حتى دلهم على مواضع الأموال والدفائن ثم قتلوه ودخلوا بغداد فأعملوا السيف فيها فدام القتل بها والنهب نحو أربعين يوما وأحرق وأغرق ما فيها من كتب العلم والتاريخ وهدم كثير من الأبنية الشامخة والقصور العامرة ثم نودي بالأمان.
وبموت الخليفة المستعصم بالله انقرضت الدولة العباسية في العراق وعدة خلفائها ٣٧ خليفة ومدة ملكهم من سنة ١٣٢ هـ إلى موت المستعصم سنة ٦٥٦ هـ، ودام لهم الملك يصفو ويكدر ٥٢٤ سنة، والملك لله يؤتيه من يشاء.