للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شؤون الدولة داخلها وخارجها وكان يسمى أمير الأمراء، ثم صار من أسندت إليه هذه الإمارة يلقب بملك أو سلطان، والثاني وهو صاحب الاسم الديني يبايع وتعرض عليه الأمور قبل عرضها على الأول فيرى فيها رأيه وهو الخليفة، فكأن الدولة في ذلك العهد بين سلطتين: نظرية وتنفيذية.

فالنظرية يتولاها الخليفة، والتنفيذية يتولاها الملك أو السلطان أو أمير الأمراء، وكان المعاصر للخليفة المسترشد بالله هو السلطان مسعود بن ملك شاه بن ألب أرسلان السلجوقي ومقره في همذان، زار بغداد فأكرمه المسترشد، ثم إن الخليفة شعر بخيانة جماعة من الأمراء فأراد عقابهم فلجأوا إلى السلطان مسعود فطلبهم الخليفة منه فأبى ردهم إليه، فحدثت بينهما النقرة والوحشة. وسافر السلطان مسعود إلى همذان فلما استقر بها، علم الخليفة أن مسعودا يستعد لقتاله فتجهز هو أيضا وجاءته رسائل من الأمراء الذين انضموا إلى مسعود يعرضون عليه طاعتهم ويستأمنونه فأمنهم الخليفة، وحضروا فأكرمهم وخرج من بغداد بجيش يريد فيه ابتداء السلطان مسعود بالقتال وجعل أولئك الأمراء في الميمنة وزحف عليه السلطان مسعود فتلاقيا بموضع يقال له «دايمرج» فلما حمي القتال انحازوا إلى السلطان مسعود استداروا حول عساكر الخليفة المسترشد وهو ثابت في مقره وانهزم عسكره فأخذ هو أسيرا فأنزل في خيمة وترددت بينه وبين السلطان الرسل في الصلح فاتفقا على مال يؤديه الخليفة وأن لا يعود يجمع العساكر، وأن لا يخرج من داره ورضي الخليفة وعزم على الرجوع إلى بغداد فدخل عليه جماعة من فرقة تسمى «الباطنية» فقتلوه ومثلوا به، وذلك على باب مراغة لأن السلطان مسعودا كان قد أخذه معه حتى انتهى إليها فدفنه أهل مراغة عندهم، وكان مولد المسترشد سنة ٤٨٥ هـ وخلافته سنة ٥١٢ هـ، وقتله سنة ٥٢٩ هـ، والخطأ الذي أودى به هو اعتماده على جماعة

<<  <   >  >>