وكان للمقتدر ابن آخر اسمه الفضل وكنيته أبو القاسم يطمع بالخلافة بعد أخيه المتقي؛ فلما خلع أخوه وولي المستكفي خاف الفضل واستتر فطلبه المستكفي فلم يظفر به، فلما قدم معز الدولة بغداد انتقل إليه وأغراه بالمستكفي حتى فعل به ما فعل، وقدمه معز الدولة للخلافة فبايعه الناس ولقب المطيع لله وازداد أمر الخلافة العباسية إدبارا في توليته ولم يبق للخلفاء من الأمر شيء البتة وقد كانوا يراجعون ويؤخذ أمرهم فيما يفعل والحرمة قائمة بعض الشيء، فلما كانت أيام معز الدولة زال ذلك جميعه بحيث إن الخليفة لم يبق له وزير إنما كان له كاتب يدبر إقطاعه وإخراجاته لا غير، وصارت الوزارة لمعز الدولة يستوزر لنفسه من يريد.
قال ابن الأثير (في حوادث سنة ٣٣٤ هـ): وكان من أعظم الأسباب في ذلك أن الديلم كانوا يتشيعون ويغالون في التشيع ويعتقدون أن العباسيين قد أغصبوا الخلافة وأخذوها من مستحقيها فلم يكن عندهم باعث ديني يحثهم على الطاعة … إلخ.
وكان مولد المطيع سنة ٣٠١ هـ وخلافته سنة ٣٣٤ هـ، وفي سنة ٣٥٦ هـ مات معز الدولة وقد عهد إلى ابنه بختيار الملقب بعز الدولة فأساء السيرة وزاد أمر الدولة تقهقرا وضعفا ثم مرض المطيع الله وفلج وثقل لسانه، وتعذرت الحركة عليه فدعاه سبكتكين وهو حاجب بختيار إلى أن يخلع نفسه من الخلافة ويسلمها إلى ولده ففعل ذلك، واشهد على نفسه بالخلع في أواخر سنة ٣٦٣ هـ بعد أن أقام يدعى بلقب الخليفة تسعا وعشرين سنة وخمسة أشهر ومات بعد شهرين من استقالته وذلك سنة ٣٦٤ هـ.
* *
وعلى أثر خلع المطيع بويع ولده أبو الفضل عبد الكريم ولقب الطائع لله سنة ٣٦٣ هـ، وفي أيامه ثار الأتراك ببختيار لتبديده الأموال وتأخيره مرتباتهم