ولو أن حيا كان قبرا لميت … لصيرت أحشائي لأعظمه قبرا
ولو أن عمري كان طوع مشيئتي … وساعدني في التقدير قاسمته العمرا
بنفسي ثرى ضاجعت في تربة البلى … لقد ضم منك الغيث والليث والبدرا
وولي الخلافة فحاول رتق ما فتق أسلافه فلم يستطع، ولكن البلاد زاد اضطرابها واتسع خرقها فكتب إلى محمد بن رائق عامله على واسط والبصرة والأهواز يستقدمه إلى بغداد وقلده إمارة الجيش وجعله أمير الأمراء وولاه الخراج والدواوين، وذلك سنة ٣٢٤ هـ فاستولى ابن رائق على جميع ما ذكر، وأصبح الحاكم المطلق فتصرف بالأمور والأموال والخليفة الراضي راضي بما وقع لا يملك لنفسه قوة يدفع بها ما أصابه، وتفاقم أمر العمال فلم يبق اسم للخليفة في غير بغداد وأعمالها، فكانت بلاد فارس في أيدي بني بويه، والموصل وديار بكر ومضر وربيعة في يد بني حمدان، ومصر والشام في يد محمد بن طغج [الإخشيدي]، والمغرب وإفريقية في يد أمير المؤمنين القائم بأمر الله العلوي، والأندلس في يد الناصر من ملوك بني أمية، وخراسان وما وراء النهر في يد نصر ابن أحمد الساماني، وطبرستان وجرجان في يد الديلم.
وهكذا تفرقت هذه المملكة وانحلت رابطتها وانفرط عقدها، ولبث الخليفة الراضي يتلهى بمن كانوا يسامرونه وينادمونه من رجال الأدب وأعيان البيان حتى كانت سنة ٣٢٩ هـ فتوفي في بغداد ودفن بالرصافة وخلافته ست سنين وعشرة أيام.