للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفسه فسلموه إلى من يعذبه، فمات بعد أيام، وذلك سنة ٢٥٥ هـ، وكان فصيحا وله خطبة ذكرها ابن الأثير في حوادث هذه السنة.

وفي اليوم الثاني من خلع المعتز أسندوا منصب الخلافة إلى محمد ابن الواثق ولقبوه المهتدى بالله وكان يكنى أبا عبد الله، فلم يقبل بيعته أحد فأتي بالمعتز فخلع نفسه أمام الناس وأقر بالعجز عما أسند إليه، وبالرغبة في تسليمها إلى ابن الواثق فبايعه الخاصة والعامة مولده في القاطول سنة ٢٢٢ هـ، وخلافته سنة ٢٥٥ هـ، فكان كأسلافه وأقرب الخلفاء عهدا منه، ولكنه أخذته في آخر أيامه حمية القوي المستضعف فخرج لقتال جمع من الأتراك كان قد أعلن العصيان فلما تقابل الفريقان خانه من كان معه من الأتراك، وانضموا إلى أصحابهم فبقي المهتدي وحده وتخلى عنه أنصاره فولى منهزما وبيده السيف وهو ينادي يا معشر المسلمين أنا أمير المؤمنين قاتلوا عن خليفتكم فلم يجبه أحد من العامة، وأصيب بطعنة فمات على أثرها سنة ٢٥٦ هـ في بغداد ومدة خلافته أحد عشر شهرا ونصف، وكان محمود السيرة يأخذ أخذ عمر بن عبد العزيز في الصلاح وإطراح الملاهي وتحريم الغناء والشراب على نفسه ومنع أصحابه وخاصته عن الظلم ومن كلامه:

عاون على الخير تسلم ولا تؤخره تندم.

وقبل قتل المهتدي بيومين بويع بالخلافة أبو العباس أحمد بن جعفر المتوكل، وكان محبوسا بالجوسق في سامراء فأطلقت الأتراك سراحه وبايعوه ولقبوه المعتمد على الله فاستولى على مراسم الخلافة وزخارف الإمارة وهو يعتقد أنه سيدخلها ويخرج منها، لا عليه ولا له، آلة تديرها قوة فتدار، مولده سنة ٢٢٩ هـ وخلافته سنة ٢٥٦ هـ وطالت أيام ملكه وظهر فيه الضعف والعجز عن إدارة الشؤون والتفكير في الأمور فاتجه أخوه أبو أحمد الموفق بالله وأعانه على

<<  <   >  >>