ولقبه بعض المؤرخين «بالمثمن»؛ لأنه ولي سنة ٢١٨ هـ وتوفي ثامن عشر رمضان، وعمره ثمان وأربعون سنة، وهو ثامن الخلفاء من بني العباس، وفتح ثمانية فتوح، واستخلف ثماني سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام، وخلف ثمانية بنين وثماني بنات، وخلف من الذهب ثمانين مليون دينار ومن الدراهم مئة وثمانين مليونا، ومن الخيل ثمانين ألف فرس، ومن المماليك ثمانية آلاف، ومن الجواري ثمانية آلاف جارية، وبنى ثمانية قصور؛ وقد ذكر هذا الاتفاق في كثير من مصنفات التاريخ وهو إن صح من غريب الموافقات.
وهو أول من أضاف إلى اسمه اسم الله تعالى فقيل:«المعتصم بالله»، وكانت وفاته بسامراء ودفن بها، ومن كلامه:
إذا نصر الهوى بطل الرأي، وذكر التيه عنده فقال: حظ صاحبه من الله المقت ومن الناس اللعن، ولما احتضر قال: ذهبت الحيلة، وذكرها حتى صمت، وكان موصوفا بلين العريكة وطيب الأخلاق، عهد بالخلافة إلى ابنه الواثق بالله.
ولما مات ولي ابنه أبو جعفر الواثق بالله واسمه هارون بن محمد المعتصم ابن هارون الرشيد وكان كريما أديبا، أصيب بعلة الاستسقاء فمات بها: مولده سنة ٢٠٠ هـ وخلافته سنة ٢٢٧ هـ ووفاته سنة ٢٣٢ هـ، وكانت في زمنه أمور غير ذات بال فهو غير جدير بالترجمة الواسعة.
ومثله أخوه المتوكل على الله جعفر بن المعتصم ولد سنة ٢٠٦ هـ وبويع بعد وفاة أخيه الواثق سنة ٢٣٢ هـ وقتل سنة ٢٤٧ هـ طالت مدته فلم يحدث بها ما يجعله في طبقة عظماء الملوك ولكنه كان يحب العمران فبنى «المتوكلية» وأنفق عليها أموالا كثيرة، وأراد نقل العاصمة العباسية من بغداد إلى دمشق، فأقام بها شهرين وأياما فلم يطب له مناخها فعاد إلى سامراء، وكان يلبس في زمن الورد الثياب الحمر ويأمر بالفرش الحمر، ولا يرى الورد إلا في مجلسه، وكان يقول: