الشرقي مسجدا ويبقى النصف الغربي كنيسة، فلما استخلف الوليد الأموي دعا النصارى إلى أن يعوضهم عن ذلك الجانب الغربي الذي بأيديهم مكانا غيره في دمشق، فأبوا فانتزعه قهرا وضمه إلى النصف الأول.
وكتب إلى ملك الروم والقسطنطينية أن يوجه إليه اثنى عشر ألفا من صناع بلاده فأبى فهدده فأذعن وبعث بهم وأنفق على بنائه، كما نقل ابن جبير في حلته عن ابن المعلى الأسدي (١١.٢٠٠.٠٠٠) أي نحو ستة ملايين ليرة إنكليزية من نقود زماننا، وعلق فيه ست مئة سلسلة ذهبية للمصابيح، وملأ جدرانه كلها بفصوص الفسيفساء ممزوجا بها أنواع من الأصبغة الغريبة تمثل أشجارا وأغصانا بديعة الصنع، بدأ فيه سنة ٨٨ هـ، ومات ولم يكمله فأتمه أخوه سليمان، وقد وصف ابن جبير هذا المسجد وصفا شاملا فارجع إليه إن شئت ولا بأس بنقل النبذة التاريخية الآتية عنه قال:
«وله - أي الجامع الأموي - أربعة أبواب باب قبلي، ويعرف بباب الزيادة وله دهليز كبير متسع له أعمدة عظام وفيه حوانيت للخرزيين وسواهم، وعن يسار الخارج منه سماط الصفارين - لعلها المعروفة بالصاغة اليوم - وهي كانت دار معاوية (﵁) وتعرف بالخضراء، وباب شرقي، وهو أعظم الأبواب ويعرف بباب جيرون، وباب غربي، ويعرف بباب البريد، وباب شمالي، ويعرف بباب الناطفيين، وللشرقي والغربي والشمالي أيضا من هذه الأبواب دهاليز متسعة يفضي كل دهليز منها إلى باب عظيم كانت كلها مداخل للكنيسة فبقيت على حالها وأعظمها منظرا الدهليز المتصل بباب جيرون، ليخرج من هذا الباب إلى بلاط طويل عريض قد قامت أمامه خمسة أبواب مقوسة لها ستة أعمدة طوال، وفي وجه اليسار منه مشهد كبير حفيل كان فيه رأس الحسين بن علي (﵄)، ثم نقل إلى القاهرة وبإزائه مسجد صغير ينسب لعمر بن عبد العزيز … إلخ».