للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من قبل عبيد الله بن زياد، وكان يزيد قد كتب إليه يأمره بتوجيه من يقاتل الحسين قبل أن يبلغ الكوفة، فحاربوه، وقتله شمر بن ذي الجوشن، وأتي برأسه إلى دمشق على ما قدمنا في ترجمته (انظر ترجمة الحسين)، فلما ذاع خبره كان عبد الله بن الزبير بمكة فحض أهل مكة والحجاز على الثورة فبايعوه، واتفق أهل المدينة على خلع نائب يزيد، وهو عثمان بن محمد بن أبي سفيان فطردوه من المدينة، وعلم يزيد بما حدث فوجه مسلم بن عقبة في عشرة آلاف مقاتل فساروا إلى المدينة فافتتحوها وجعلها مسلم مباحة للسلب والنهب ثلاثة أيام، ثم رحل عنها يريد مكة؛ فمات في طريقه بموضع يعرف بالمشكل، وأقام نائبا عنه الحصين ابن نمير، فقدم مكة، فقاتله ابن الزبير فلم يزل بها حتى جاءه خبر موت يزيد فعاد بجيشه إلى الشام.

هكذا تجد المسلمين بعد اشتغالهم بفتح البلدان وتوسيع سلطة الدولة الإسلامية وتوطيد أزكانها عادوا فشغلوا بأنفسهم، يقتل بعضهم بعضا، ويحارب الرجل قريبه ونسيبه وحبيبه، ثورات في البلاد على كل مستخلف فيهم وخروج وعصيان وخوف مستمر:

كأنما القوم عادت جاهليتهم … لهم فما أغنت الآيات والنذر

وفي أيام يزيد فتح المغرب الأقصى على يد الأمير عقبة بن نافع، وكان قد وجهه يزيد إلى إفريقية فلما بلغ القيروان جمع من بها من الجند ودخل مدينة باغاية فحاربه أهلها وكانوا من الروم، ثم أغلقوا أبوابها، فأراد حصارهم ولكنه اختار قصد غيرها، فسار إلى بلاد الزاب فامتلك مدينتها العظمى إربه، وسار إلى طنجة ومنها عاد بغنائم وافرة.

فانظر هداك الله إلى المسلمين في ذلك الحين لو وجهوا سيوفهم التي يضربون بها وجوههم إلى بلاد الأعداء وأمصار الروم وغيرهم هلا كانوا بلغوا أقاصي

<<  <   >  >>