العرب للقلقشندي أنه كان طويلا أبيض جميلا مهيبا، قال: وكان عمر ينظر إليه فيقول: هذا كسرى العرب!
وفي سنة ٥٠ هـ سار إلى المدينة بموكب حافل فألقى بها عدة خطب وكان قوي المنطق جيد البديهة سريع الخاطر، ومن أحسن ما تتمثل به سياسته في قوله في بعض خطبه:
«يا أهل المدينة إني لست أحب أن تكونوا خلقا كخلق العراق يعيبون الشيء، وهم فيه: كل امرئ منهم شيعة نفسه، فأقبلونا بما فينا؛ فإن ما وراءنا شر لكم، وإن معروف زماننا هذا منكر زمان قد مضى، ومنكر زماننا معروف زمان لم يأت ولو قد أتى، فالرتق خير من الفتق، وفي كل مقال بلاغ ولا مقام على الرزية».
ودخل دار عثمان بن عفان - في المدينة - فصاحت عائشة بنت عثمان وبكت ونادت أباها، فقال معاوية:«يا ابنة أخي إن الناس أعطونا طاعة وأعطيناهم أمانا وأظهرنا لهم حلما تحته غضب، وأظهروا لنا ذلا تحته حقد، ومع كل إنسان سيفه ويرى موضع أصحابه؛ فإن نكثناهم نكثوا بنا ولا ندري أعلينا تكون أم لنا، ولأن تكوني ابنة عم أمير المؤمنين خير من أن تكوني امرأة من عرض الناس».
وخطب في المدينة أيضا فقال: «أيها الناس، إن أبا بكر (﵁) لم يرد الدنيا ولم ترده، وأما عمر فأرادته الدنيا ولم يردها، وأما عثمان فنال منها ونالت منه، وأما أنا فمالت بي وملت بها؛ فإن لم تجدوني خيركم فأنا خير لكم».
وكان يضرب المثل بحلم معاوية ومن أخباره أنه كان لعبد الله بن الزبير أرض مجاورة لأرض فيها عبيد لمعاوية من الزنوج يعمرونها فدخلوا في أرض عبد الله فكتب إلى معاوية:«أما بعد؛ فإنه يا معاوية إن لم تمنع عبيدك من الدخول في أرضي كان لي ولك شأن!»، فلما وقف معاوية على الكتاب دفعه إلى ابنه يزيد فلما قرأه قال له: ما ترى؟ قال: أرى أن تنفذ إليه جيشا أوله عنده وآخره