للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبويع بعده ابنه الحسن فسلم الخلافة إلى معاوية (انظر ترجمته الحسن بن علي)، وذلك في عام ٤١ هـ، وهو المعروف بعام الجماعة لاجتماع المسلمين فيه يدا واحدة على إمام واحد، ودامت له الخلافة حتى بلغ سن الشيخوخة فعهد بها إلى ابنه يزيد. ومات بدمشق فدفن في مقبرة باب الصغير.

ذلك إجمال في سيرة معاوية مؤسس دولة بني أمية، ومن عظماء ملوك العرب وخلفائهم، وهو أحد كبار الفاتحين، بلغت فتوحاته المحيط الأتلانطيقي [الأطلنطي]، وكان واليه على مصر عمرو بن العاص (الآتي ذكره) فافتتح السودان سنة ٤٣ هـ، وفي هذه السنة غزا عبد الله بن سوار العبدي القيقان من بلاد السند فأصاب مغانم كثيرة عاد بها إلى معاوية ورجع إلى الغزو فقتل في بعض بلاد السند، وكان عدد السفن في أيام معاوية ١٧٠٠ سفينة كاملة العدة، وهو أول مسلم ركب بحر الروم للغزو، وذلك حينما كان عاملا على الشام في خلافة عثمان بن عفان، وفي أيامه فتح كثير من الجزائر اليونانية والدردنيل وحاصر القسطنطينية بحرا وبرا سنة ٤٨ هـ فلم يتمكن من فتحها وأصيبت سفنه بخسائر فادحة فعاد ما بقي منها، وهو أول من جعل دمشق مقر خلافة، وأول من اتخذ المقاصير (وهي الدور الواسعة المحصنة)، والحرس والحجاب، ولم يكن ذلك للخلفاء الراشدين لازدرائهم تلك المظاهر والزخارف وبعدهم عن أبهة الملك وقناعتهم بما كانوا عليه قبل الخلافة من السذاجة والتقشف وأما معاوية فلم يتسن له ذلك في بلاد ألفت أنظارها ما كان عليه ملوكها السابقون من الروم، وربما سخرت بمن كان دونهم وعدته دخيلا على الرياسة، حديث عهد بالإمارة، وهو أول من خطب قاعدا لأنه كان بطينا بادنا، وأول من قدم الخطبة على الصلاة في يوم الجمعة، وكانت الخطبة بعد الصلاة فخاف معاوية أن يتفرق الناس عنه قبل أن يتم ما يريد أن يقول فقدمها: وتابعه المسلمون حتى اليوم، وهو أول من جلس بين الخطبتين وبقيت بعده إلى يومنا هذا، وفي أنساب

<<  <   >  >>