قال الشَّيخ الإمام القاضي فخر الدِّين قاضي خان في أول شرحه لهذا "الجامع الصغير": اختلفوا في تصنيف هذا الكتاب، قال بعضهم: هو من تصنيف أبي يوسف ومحمد، وقال بعضهم: هو من تصنيف محمد، فإنّه حين فرغ من تصنيف "المبسوط" أمره أبو يوسف أن يصنِّف كتابًا ويروي عنه، فصنف هذا الكتاب، وعرضه على أبي يوسف، فقال أبو يوسف: نِعْمَ ما حفظ عني أبو عبد الله، إلا أنه أخطأ في ثلاث مسائل، فقال: ما أخطأت ولكنك نسيت الرواية.
ومصنف هذا الكتاب لم يرتب مسائله، وإنما رتَّبه الفقيه أبو عبد الله الحسين بن أحمد الزَّعْفَراني على هذا الترتيب؛ ترغيبًا للمفتيين وتيسيرًا للطالبين، وهذا الكتاب أصل جليل في الفقه، يشتمل على أمَّات مسائل أصحابنا، حتى كان علي الرَّازي يقول: من حفظ مسائل هذا الكتاب فهو من أحفظ أصحابنا، ومن فهمه فهو من أفهم أصحابنا، انتهى.
وله "كتاب الأضاحي"، رأيت في "كتاب الأضاحي" لأبي عبد الله محمَّد الوَبَري المعروف بالحُمَير الخُوَارِزْمِي: وعلى الذَّابح أن يقطع العروق الأربعة: الوَدَجَيْن والمريء والحُلْقوم، ولو قطع واحدًا منها لا تؤكل (١) بالاتفاق، وإن قطع اثنين فالظاهر من المذهب أنها لا تحل، وهكذا ذكر أبو عبد الله الزَّعْفَراني عن أبي حنيفة ومحمد، فإنّه قال في "الأضاحي": إذا ترك عرقين أو ثلاثة لم يقطع ذلك أصلًا، تصير ميتة في مذهب أبي حنيفة.
وفي كتاب الأضحية في "الخلاصة": ولو كان له عقار اختلف المتأخرون؛ في "أضاحي الزَّعْفَراني" يعتبر قيمته لا دخله، حتى لو كانت قيمته مئتي درهم فعليه