أبي (١) إبراهيم المُزَني، فإذا فرغ منه فقولا له: أنت سمعت الشَّافعي يقول ذلك؛ لتشهدا عليه به، فمضيا وسمعا من أبي (٢) إبراهيم المختصر، وسألاه: أنت سمعت الشَّافعي يقول ذلك؟ قال: نعم، فعادا إلى القاضي بكَّار، وشهدا عنده على المزني أنه سمع الشَّافعي، فقال بكَّار: الآن استقام لنا أن نقول: قال الشَّافعي، ثم ردَّ على الشَّافعي ما قاله (٣) في ذلك الكتاب، وقطع الحجَّة التي احتجَّ بها على أبي حنيفة.
ولما ولي بكَّار بن قتيبة قضاء مصر من قبل المتوكل دخل يوم الجمعة، لثمان خلون من جمادى الآخرة سنة ست وأربعين ومئتين، ولقي (٤) محمَّد بن أبي الليث كان قبله قاضي مصر وهو خارج إلى العراق، فقال له بكَّار: أنا رجل غريب، وأنت قد عرفت البلد، فدلَّني على من أشاوره وأشكي إليه، فقال عليك برجلين؛ أحدهما عاقل، وهو يونس بن عبد الأعلى، والآخر زاهد، وهو هارون بن موسى بن عبد الرَّحمن، فلما دخل مصر أتاه الناس فدخل (٥) عليه يونس وهارون، فأكرمهما وبجَّلهما.
مات ﵀ سنة تسعين ومئتين بمصر، ودفن بالقَرَافة، وقبره مشهور يزار ويتبرك به.