للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

اقتضته مشيئتُه، لا مُعارضَ لأمرِه، ولا معقِّبَ لحُكْمِه، يفعلُ ما يشاء، ويحكمُ ما يريدُ على مُقتَضى حكمتِه، فإنَّ له السُّلطان القاهر، والاستيلاء الباهر.

بعثَ الأنبياءَ، وشرع الأحكامَ، وأنزل الآيات، وبيَّن الحلال والحرام؛ لمصالح عباده، وتكميل نفوسهم، فضلًا من الله ورحمة، فأوَّل حاكمٍ حكمَ، وقاضٍ ألزمَ، واستخلف (١) وعلم، إنَّما هو الله تعالى، الَّذي ألزمَ الميثاق في التَّكليف، وبيَّن العدلَ وشَرْعه، ونهى عن العُدْوان ومَنَعَه، كما قال تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ﴾ [البقرة: ٣١]، وقال تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ﴾ [الأنعام: ٥٧]، ﴿وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾ [الأعراف: ٨٧]، ﴿وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ﴾ [غافر: ٢٠].

قولُه: ﴿يَقْضِي بِالْحَقِّ﴾ بالصَّاد: مِنْ قصَّ الأمرَ، قرأه ابن كثير، وعاصم، ونافع، والباقون: (يقضي الحق)، من قولهم: قضى الزَّرع: إذا صنعها فيما يقضي مِنْ تأخيرٍ أو تعجيلٍ. وأصلُ القضاء: الفَصْل بتمام الأمر، وأصْلُ الحُكْم: المنع، كأنْ يمنعَ الباطَل عن معارضة الحقِّ، أو الخصمَ عن التَّعدي على صاحبه.

وفي "تفسير الكَوَاشي": وفي قوله تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ﴾ دليلٌ على أنَّ الأنبياءَ أفضلُ من الملائكة؛ لأنَّ الملائكة لَمَّا قال الله تعالى: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: ٣٠]، قالوا: ليخلق الله ما يشاء، فلن يخلقَ خلقًا أكرم عليه منَّا، وإنْ فعلَ فنحن أعلمُ منه؛ لأنَّا قبله، ورأينا ما لم يره، وافتخروا بالعلم فبيَّن تعالى عجزَهم بأنْ خلقَ جميع المسمَّيات، وعلَّم أسماءَها بكلِّ اللُّغات حتَّى القصعة والقُصيعة، وآدم خليفة الله في أرضه، وكذلك كلُّ نبيٍّ، استخلفهم في عمارة الأرض،


(١) ض: واستحلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>