للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ذكر في كتابه "المنقذ من الضلال" (١) بعد ذكر مبادئ أحواله: وانكشف لي في أثناء (٢) هذه الخلوات أمورٌ لا يمكن إحصاؤها ولا استقصاؤها، والقدر الذي أذكره لينتفع به، أني علمت يقينًا أنّ الصوفية هم السَّالكون لطريق الله تعالى خاصَّة، وأن سيرتهم أحسن السِّير، وطريقتهم أصوب الطرق، وأخلاقهم أزكى الأخلاق. بل لو جمع عقل العقلاء، وحكمة الحكماء، وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء ليغيروا شيئًا من سيرهم وأخلاقهم ويبدِّلوه بما هو خير منه لم يجدوا إليه سبيلًا، فإنّ جميع حركاتهم وسكناتهم في ظاهرهم وباطنهم مقتبسة من مشكاة النبوة، وليس وراء النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به.

وبالجملة: فماذا يقول القائلون في طريقةٍ أول شرطيتها تطهير القلوب بالكليَّة عمَّا سوى الله تعالى، ومفتاحها الجاري فيها مجرى التَّحريم من الصلاة استغراق القلب بذكر الله تعالى، وآخرها الفناء بالكليَّة في الله ﷿، وهم الذين لا يشقى جليسهم.

وفي "نفحات الأنس": عن أبي عبد الله بن خفيف الصوفي: الصوفي من استصفاه الحق لنفسه توددًا، والفقير من استصفى نفسه في فقره تقربًا.

وقيل: الصُّوفي: هو الخارج عن النُّعوت والرُّسوم. والفقير: هو الفاقد للأشياء.

وعن أبي العبَّاس النهاوندي: الفقر بداية التصوف.

قال أبو طالب المكِّي في "قوت القلوب": كان الجنيد كثيرًا ما ينشد:

علمُ التَّصوفِ علمُ ليسَ يعرِفُه … إلا أخو فِطنة بالحقِّ مَعروفُ

وليسَ يعرفُه مَنْ ليسَ يشهدُهُ … وكيفَ يشهدُ ضوءَ الشَّمس مكفوفُ


(١) ض، أ: الضلالة.
(٢) ساقطة من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>