(وعن داود السِّجِستاني: لقيت مئتين من مشايخ العلم فما رأيْتُ مثل أحمد بن حنبل، لم يكن يخوض في شيء مما يخوض فيه الناس من أمر الدنيا، فإذا ذكر العلم تكلَّم. وقال أبو زرعة: ما رأت عيني مثل أحمد بن حنبل، فقلت له: في العلم؟ فقال: في العلم والزُّهد والفقه والمعرفة.
وقال عبد الله (١): جميع ما حدَّث به الشَّافعي في كتابه فقال: حدثني الفقيه الثِّقة فهو أبي رحمه الله تعالى. وسمعت أبي يقول: استفاد منا الشَّافعي ما نستفيد منه. وكان أحمد أصغر منه بأربع عشرة سنة) (٢).
وقال: حجَّ أبي خمس حجج؛ ثلاث ماشيًا، واثنين راكبًا، وكان مزق ثيابه، فبقي في بيته أيامًا (٣)، فعرض عليه الدنانير والثِّياب فأبى أن يأخذها، فعرض له رجل أن ينسخ له شيئًا، فنسخ له كتابًا بدينار، فاشترى له ثوبًا، فشقه نصفين فاتَّزر بنصفه، وارتدى بالنصف الآخر.
[وعن المزني أنه قال: سمعت الشَّافعي يقول: ثلاثة من العلماء من عجائب الدنيا؛ عربي لا يعرب كلمة وهو أبو ثور، وعجمي لا يخطئ في كلمة وهو حسن بن محمَّد الزَّعْفَراني، وصغير كلما قال شيئًا صدَّقه الكبار وهو أحمد بن حنبل.
ولما ظهر القول بخلق القرآن في أيام المأمون وحُمل الناس على القول بخلق القرآن، وكان يعاقب كلَّ من لم يقل بخلقه أشدَّ عقوبة، وكان الإمام أحمد بن حنبل من الممتنعين من القول بخلق القرآن حمل إلى المأمون مقيدًا، فمات المأمون قبل