وأساس بني إسرائيل يعقوب ﵇، وأساس الكتب القرآن، وأساس القرآن الفاتحة، وأساس الفاتحة بسم الله الرَّحمن الرحيم، فإذا اعتللت أو اشتكيت فعليك بالأساس تشفَ بإذن الله تعالى (١).
فلهذا قال ﷺ:"إن في سورة فاتحة الكتاب تسعين شفاء"(٢).
[وعن أبي سعيد الخدري ﵁ أنّه قال: قال النبي ﷺ: "فاتحة الكتاب شفاء من كل سم"، وفي رواية "شفاء من كل داء إلا السام"(٣)، وهو الموت.
ذكر الخَصَّاف (٤) عن الشعبي أنّه قال له رجل: اقضِ بيننا بما أراك الله تعالى، فقال الشعبي: لست تراني قاضيًا (٥)(٦).
قال الصَّدر الشَّهيد: تكلَّموا فيه على ثلاثة أوجه:
منهم من قال معناه: لست من المجتهدين الذين يصيبون الحقَّ باجتهادهم، وهم الأنبياء ﵈، فأنا قاضٍ ولست بنبيٍّ، وأنت بهذا القول تزعم أنِّي نبي ولست بقاضٍ، فيكون هذا دليلًا على أنّ المجتهد يخطئ ويصيب.
ومنهم من قال: معناه لست تراني قاضيًا؛ لأنك تطلب مني ما لا طريق له إلى التوصل إليه، وهذا هو الوصول إلى الحقِّ لا محالة.
(١) رواه الثعلبي في "تفسيره" (١/ ١٢٨). (٢) لم نعثر عليه بهذا اللفظ. (٣) رواه سعيد بن منصور في "سننه" (٢/ ٥٣٥)، والدارمي في "كتاب فضائل القرآن" (١٢/ ٣٣٧٠)، والدِّيْنَوَري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: ٢٥٤). (٤) الصَّدر الشَّهيد، شرح الخَصَّاف (١: ١٧٣ - ١٧٤). (٥) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٢٢٩٨٣)، وفيه: "لست برأيي أقضي". (٦) روى نحوه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٢٢٩٨٣).