بني كنيفًا، وصرف إليه من بيت مال المسلمين در همين ونصف درهم، وكان عادته أن يدفع في الصحراء، فعرض له مرض الزَّحير (١)(٢) فأحوجته الضرورة إليه، فكتب إليه عمر ﵁: يا عُويمر بلغني أنك بنيت كنيفًا وأنفقت فيها درهمين ونصفًا من بيت مال المسلمين، أما كان يكفيك بَقايا عمران الروم، حتى تشتغل بعمارة الدنيا، فإذا أتاك كتابي فاعلم أني سيَّرتك إلى دمشق، فكن بها إلى أن يأتيك الموت (٣). ذكره السيِّد علي الهَمَذاني في "ذخيرته".
وكان أبو الدَّرداء إذا صلى الغداة في جامع دمشق اجتمع الناس للقراءة عليه، فكان يجعلهم عشرة عشرة، وعلى كلِّ عشرة عَرِيْفًا، ويقف هو في المحراب يرمقهم ببصره، فإذا غلط أحدهم رجع إلى عَرِيْفهم، فإذا غلط عَرِيْفهم رجع إلى أبي الدَّرداء فسأله عن ذلك، وكان ابن عامر (٤) عَرِيْفًا على عشرة (كذا قال سويد)(٥)، فلما مات أبو الدرداء خلفه ابن عامر، كذا ذكره الذَّهبي.
وذكر ابن الملَك في "شرح المشارق" في حديث: "من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصِم من الدَّجال": ما رواه أبو الدَّرداء عن النبيِّ ﷺ مئة وسبعون حديثًا، له في الصحيحين خمسة عشر انفرد البخاري منها بثلاثة، ومسلم بتسعة، (وهذا الحديث مما انفرد به مسلم)، (٦) مات بدمشق سنة اثنتين وثلاثين ﵁.
(١) ض، ع: ذخير. (٢) الزحير: استطلاق البطن بشدة. (٣) رواه هناد بن السري في "الزهد" (٢/ ٣٧٢)، وابن أبي الدنيا في "قصر الأمل" (ص: ١٧٢). (٤) في أ: (عباس). (٥) ساقطة من: ع. (٦) ساقطة من: أ و ع.