للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالحزم وبعد النظر، وكان معاصرا ليزدجرد، المعروف بالأثيم، ملك الفرس، فدفع إليه ابنه بهرام (الذي سمي بهرام جور) ليربيه ويهذبه، فأنشأه على غاية ما يكون من حسن الأخلاق والشجاعة والفروسية، وطالت أيام النعمان، وهو باني القصرين العظيمين الخورنق والسدير، وللشعراء فيهما كلام كثير، ولما بلغ سن الكهولة فكر في أمر الحياة الدنيا فلم يرها إلا غرورا، فسلك مسلك النساك والحكماء. واستعاض عهد داء الملك، بقباء النسك، وانصرف سائحا في البلاد، فانقطع خبره، وخفي أثره، وذلك بعد أن حكم ثلاثين سنة، وفيه يقول عدي بن زيد من قصيدة تقدم بعضها:

وتدبر رب الخورنق إذ … أشرف يوما وللهدى تفكير

سره ماله وكثرة ما يملـ … ـك والبحر معرضا والسدير

فارعوى قلبه وقال: فما غبـ … ـطة حتي إلى الممات يصير

ومطلع هذه القصيدة:

أيها الشامت المعير بالدهر … أأنت المبرأ الموفور

وفي ختامها بعد ذكر الملوك وآثارهم:

ثم بعد الفلاح والملك والنعمة … وارتهم هناك القبور

ثم صاروا كأنهم ورق جف … فألوت به الصبا والدبور

ولما غاب النعمان وتحدث الناس بأمره عثروا على بعض آثار منه عرفوا منها ما صار إليه حاله فتولى مكانه المنذر الأولى، وتعاقبت الأبناء والإخوة من بني لخم حتى آل الأمر إلى المنذر بن ماء السماء الآتي خبره. [أورده الزركلي في الترجمة التالية بالفعل، ثم أدخل تعديلا، فتأخرت ترجمة المنذر قليلا].

<<  <   >  >>